ثم أكد هذا بقوله : { هو الذي أرسل رسوله } يعني محمدا { بالهدى } أي بما يهدي به الناس من البراهين والمعجزات والأحكام التي شرعها الله لعباده والتوحيد والإسلام والقرآن { ودين الحق } وهو دين الإسلام ، وفائدة ذكره مع دخوله في الهدى قبله بيان شرفه وتعظيمه كقوله والصلاة الوسطى { ليظهره } أي ليظهر رسوله أو دين الحق بما يشتمل عليه من الحجج والبراهين .
{ على الدين كله } أي على سائر الأديان ، وهو أن لا يعبد الله إلا به ، فلا دين بخلاف الإسلام إلا وقد قهرهم المسلمون وظهروا عليهم في بعض المواضع وإن لم يكن كذلك في جميع مواضعهم ، فقهروا اليهود وأخرجوهم من بلاد العرب ، وغلبوا النصارى على بلاد الشام وما والاها إلى ناحية الروم والغرب ، وغلبوا المجوس على ملكهم ، وغلبوا عباد الأصنام على كثير من بلادهم مما يلي الترك والهند وكذلك سائر الأديان .
فثبت أن الذي أخبر الله عنه في هذه الآية قد وقع وحصل ، وكان ذلك إخبارا عن الغيب فكان معجزا ، وقد ذكرنا فتوح الإسلام في كتابنا حجج الكرامة في آثار القيامة الذي حررناه بعد هذا التفسير ، وقيل ذلك عند نزول عيسى وخروج المهدي فلا يبقى أهل دين إلا دخلوا في الإسلام ، ويدل له بعض الأحاديث ، فمنها حديث أبي هريرة : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ) {[889]} .
وقال الشافعي : قد أظهر الله دين رسوله على الأديان كلها بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق وما خالفه من الأديان باطل ، وقيل قهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعا وكرها ، وقتل أهل الأصنام وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام ، وأعطى بعضهم الجزية وجرى عليهم حكمه ، فهذا ظهوره على الدين كله .
وقيل المراد ظهوره على الدين كله في جزيرة العرب وقد حصل ذلك ، فإنه تعالى ما أبقى فيها أحدا من الكفار ، وقيل المراد أن يوقفه على جميع شرائع الدين ويطلعه عليها بالكلية ، وفيه ضعف لأن هذا وعد بأنه تعالى سيفعله والتقوية بالحجة والبرهان كان حاصلا من أول الأمور .
{ ولو كره المشركون } الكلام فيه كالكلام في { ولو كره الكافرون } كما قدمنا ذلك ووصفه بالشرك بعد وصفهم بالكفر للدلالة على أنهم ضموا الكفر بالرسول إلى الكفر بالله تعالى ، وهذا آخر الآيات التي أمر علي بالتأذين بها في موسم الحج .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.