ثم أكد ذلك المعنى بقوله { هو الذي أرسل رسوله بالهدى } أي بكثرة الدلائل والمعجزات { ودين الحق } لاشتماله على أمور تظهر لكل أحد كونه موصوفاً بالصواب ومطابقاً للحكمة ومؤدياً إلى صلاح الدنيا والآخرة . ثم بيّن غاية أمره وتمام حكمه فقال { ليظهره على الدين كله } أي ليجعل الرسول أو دين الحق غالباً على أهل الأديان كلهم أو على كل دين . عن أبي هريرة أنه قال هذا وعد من الله بأن يجعل الإسلام ظاهراً على جميع الأديان . وتمام هذا إنما يظهر عند خروج المهدي ونزول عيسى وقال السدي : ذلك عند خروج المهدي عليه السلام لا يبقى أحد إلا دخل الإسلام وأدّى الخراج . قلت : قد دخل في عصرنا من الملوك الكفرة ومن أشياعهم في الإسلام ما لا يعدّ ولا يحصى ، وازدياد ذلك كل يوم دليل ظاهر على أن الكل سيدخلون في الإسلام . وقد جاء في الحديث : «زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها » وقيل : ليظهر الإسلام على غيره في جزيرة العرب . وهذا تخصيص أوجبه ضيق العطن . وقيل : ليظهر الرسول على جميع شرائط الدين حتى لا يخفى عليه شيء من مدارك الأحكام . وقيل ليظهره بالحجة والبرهان لأن غلبة الكفار في بعض الأقطار ظاهرة . ولقائل أن يقول : إن المسلمين في تلك البلاد وإن قلوا غالبون على الكفار وإن كثروا بدليل أنهم لا يمنعونهم من إظهار شعائر الإسلام والتزام أحكامه ، قوله { هو الذي أرسل } فيه مدح منه تعالى لنفسه من جهة أنه هو القادر على إبداء مثل هذا الأمر العظيم ومن جهة أنه هو الغالب على إيصاله إلى حيث شاء وأراد من غير معاند ولا منازع ، ومن جهة أنه هو المعطي لمثل هذه النعمة التي لا يوازيها نعمة وهي نعمة الهدى والإسلام . وقوله { ولو كره الكافرون } وفي الآية الثانية { ولو كره المشركون } إما متساويا الدلالة تنبيهاً على أن اليهود والنصارى أيضاً مشركون ، وإما تخصيص بعد تعميم ، ولعله رغم لأنف مشركي قريش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.