البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَآ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ وَلَآ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٞ وَلَآ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزۡدَرِيٓ أَعۡيُنُكُمۡ لَن يُؤۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيۡرًاۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا فِيٓ أَنفُسِهِمۡ إِنِّيٓ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (31)

زرى يزري حقر ، وأزرى عليه عابه ، وازدرى افتعل من زرى أي : احتقر .

وتزدري تفتعل ، والدال بدل من التاء قال :

ترى الرجل النحيف فتزدريه *** وفي أثوابه أسد هصور

وأنشد الفراء :

يباعده الصديق وتزدريه *** حليلته وينهره الصغير

والعائد على الموصول محذوف أي : تزدرونهم ، أي : تستحقرهم أعينكم .

ولن يؤتيهم معمول لقوله : ولا أقول ، وللذين معناه لأجل الذين .

ولو كانت اللام للتبليغ لكان القياس لن يؤتيكم بكاف الخطاب ، أي : ليس احتقاركم إياهم ينقص ثوابهم عند الله ولا يبطل أجورهم ، الله أعلم بما في أنفسهم ، تسليم لله أي : لست أحكم عليهم بشيء من هذا ، وإنما الحكم بذلك لله تعالى الذي يعلم ما في أنفسهم فيجازيهم عليه .

وقيل : هو رد على قولهم : اتبعك أراذلنا ، أي لست أحكم عليهم بأنْ لا يكون لهم خير لظنكم بهم ، إن بواطنهم ليست كظواهرهم ، الله عز وجل أعلم بما في نفوسهم ، إني لو فعلت ذلك لمن الظالمين ، وهم الذين يضعون الشيء في غير مواضعه ،