والقول الثابت هو الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه ، واطمأنت إليه نفسه .
وتثبيتهم به في الدنيا كونهم لو فتنوا عن دينهم في الدنيا لثبتوا عليه وما زلوا ، كما جرى لأصحاب الأخدود ، والذين نشروا بالمناشير ، وكشطت لحومهم بأمشاط الحديد ، كما ثبت جرجيس وشمعون وبلال حتى كان يعذب بالرمضاء وهو يقول : أحد أحد .
وتثبيتهم في الآخرة كونهم إذا سئلوا عند توافق الإشهاد عن معتقدهم ولم يتلعثوا ، ولم يبهتوا ، ولم تحيرهم أهوال الحشر .
والذين آمنوا عام من لدن آدم إلى يوم القيامة .
وقال طاووس وقتادة وجمهور من العلماء : أن تثبيتهم في الدنيا هو مدة حياة الإنسان ، وفي الآخرة هو وقت سؤاله في قبره ، ورجح هذا القول الطبري .
وقال البراء بن عازب وجماعة : في الحياة الدنيا هي وقت سؤاله في قبره ، ورواه البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الآخرة هو يوم القيامة عند العرض .
وقيل : معنى تثبيته في الحياة الدنيا وفي الآخرة هو حياته على الإيمان ، وحشره عليه .
وقيل : التثبيت في الدنيا الفتح والنصر ، وفي الآخرة الجنة والثواب .
وما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البراء من تلاوته عند إيعاد المؤمن في قبره ، وسئل وشهد شهادة الإخلاص قوله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا الآية ، لا يظهر منه يعني : أن الحياة الدنيا هي حياة الإنسان ، وأن الآخرة في القبر ، ولا أن الحياة الدنيا هي في القبر ، وأن الآخرة هي يوم القيامة ، بل اللفظ محتمل .
ومعنى يثبت : يديمهم عليه ، ويمنعهم من الزلل .
فثبت الله ما آتاك من حسن *** تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
والظاهر أنّ بالقول الثابت متعلق بقوله : يثبت .
وسؤال العبد في قبره معتقد أهل السنة .
ويضل الله الظالمين أي : الكافرين لمقابلتهم بالمؤمنين ، وإضلالهم في الدنيا كونهم لا يثبتون في مواقف الفتن ، وتزل أقدامهم وهي الحيرة التي تلحقهم ، إذ ليسوا متمسكين بحجة .
وفي الآخرة هو اضطرابهم في جوابهم .
ولما تقدم تشبيه الكلمة الطيبة على تشبيه الكلمة الخبيثة ، تقدم في هذا الكلام من نسبت إليه الكلمة الطيبة وتلاه من نسبت إليه الكلمة الخبيثة .
ولما ذكر تعالى ما فعل بكل واحد من القسمين ذكر أنه لا يمكن اعتراض فيما خص به كل واحد منهما ، إذ ذاك راجع إلى مشيئته تعالى ، إنّ الله يفعل ما يشاء ، لا يسئل عما يفعل .
وقال الزمخشري : ويفعل الله ما يشاء أي : توجيه الحكمة ، لأنّ مشيئة الله تابعة للحكمة من تثبيت المؤمنين وتأييدهم وعصمتهم عند ثباتهم وعزمهم ، ومن إضلال الظالمين وخذلانهم والتخلية بينهم وبين شأنهم عند زللهم انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.