البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُواْ رَبِّي عَسَىٰٓ أَلَّآ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّٗا} (48)

ولما أمره بهجره الزمان الطويل أخبره بأنه يتمثل أمره ويعتزله وقومه ومعبوداتهم ، فهاجر إلى الشام قيل أو إلى حران وكانوا بأرض كوثاء ، وفي هجرته هذه تزوج سارة ولقي الجبار الذي أخدم سارة هاجر ، والأظهر أن قوله { وأدعو ربي } معناه وأعبد ربي كما جاء في الحديث : « الدعاء العبادة » لقوله { فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله } ويجوز أن يراد الدعاء الذي حكاه الله في سورة الشعراء { رب هب لي حكماً } إلى آخره ، وعرض بشقاوتهم بدعاء آلهتهم في قوله { عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً } مع التواضع لله في كلمة { عسى } وما فيه من هضم النفس .

وفي { عسى } ترج في ضمنه خوف شديد ،