إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُواْ رَبِّي عَسَىٰٓ أَلَّآ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّٗا} (48)

{ وَأَعْتَزِلُكُمْ } أي أتباعد عنك وعن قومك { وَمَا تَدْعُون مِن دُونِ الله } بالمهاجَرة بديني حيث لم تؤثّرْ فيكم نصائحي .

{ وَأَدْعُو ربّي } أعبدُه وحده ، وقد جُوّز أن يراد به دعاؤُه المذكورُ في تفسير سورةِ الشعراء ، ولا أن يبعُد أ يُرادَ به استدعاءُ الولد أيضاً بقوله : { رَبّ هَبْ لي مِنَ الصالحين } حسبما يساعده السباق والسياق { عسى أَن لا أَكُونَ بِدُعَاء ربّي شَقِيّا } أي خائباً ضائعَ السعي ، وفيه تعريضٌ بشقائهم في عبادة آلهتِهم ، وفي تصدير الكلام بعسى من إظهار التواضعِ ومراعاة حسنِ الأدب والتنبيهِ على حقيقة الحقِّ من أن الإجابةَ والإثابةَ بطريق التفضل منه عز وجل لا بطريق الوجوبِ ، وأن العبرةَ بالخاتمة وذلك من الغيوب المختصّةِ بالعليم الخبير ما لا يخفى .