اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لِنُرِيَكَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا ٱلۡكُبۡرَى} (23)

قوله : { لِنُريََكَ } متعلق بما دلَّت عليه " آيَةً " أي : دللنا بها لُنِرِيَكَ ، أو ب ( جَعَلْنَاهَا ) ، أو ب ( آتَيْنَاكَ ) المقدر{[23865]} . وقدره الزمخشري : لِنُرِيَكَ فِعْلَنا ذلك{[23866]} ، وجوَّز{[23867]} الحوفي أن يتعلق ب " اضْمُمْ " {[23868]} . وجوَّز غيرُه أن يتعلق ( بتَخْرُج ){[23869]} {[23870]} . ولا يجوز أن يتعلق بلفظ آية ، لأنها قد وصفت{[23871]} . وقدره الزمخشري أيضاتً : لِنُرِيَكَ خُذْ هذه الآيةَ أيضاً{[23872]} .

قوله : { مِنْ آيَاتِنَا الكُبْرَى } .

يجوز أن يتعلق " مِنْ آيَاتِنَا " بمحذوف على أنه{[23873]} حال من " الكُبْرَى " ويكون " الكبرى " على هذا مفعولاً ثانياً{[23874]} " لُنِريَكَ " والتقدير : " لُنِريَكَ الكبْرَى " حال كونها من آياتنا ، أي : بعض آياتنا ويجوز أن يكون المفعول الثاني نفس{[23875]} " مِنْ آيَاتِنَا " فيتعلق بمحذوف أيضاً ، و " الكُبْرَى " {[23876]} على هذه صفة ل " آيَاتِنَا " ووصف الجمع المؤنث غير العاقل وصف الواحد{[23877]} على حد " مَآربَ أُخْرَى " {[23878]} و " الأَسْمَاءُ الحُسْنَى " {[23879]} .

وهذان الوجهان قد نقلهما الزمخشري{[23880]} والحوفي{[23881]} ( وأبو البقاء{[23882]} ){[23883]} واختار أبو حيَّان الثاني قال : لأنه يلزم من ذلك أن تكون آياته كلها هي الكبرى ، لأن ما كان بعض{[23884]} الآيات الكُبَر صدق عليه آية{[23885]} الكبرى ، لأنها هي المتصفة{[23886]} بأفْعَل التفضيل ، وأيضاً إذا جُعِلت " الكبرى " مفعولاً فلا يمكن{[23887]} أن يكون صفة للعصا{[23888]} واليد معاً ، إذ كان يلزم التثنية ، ولا جائز أن يخصَّ أحدهما بالوصف دون الأخرى{[23889]} ، لأن التفضيل في كل منهما{[23890]} .

فصل

قال المفسرون : قال : " لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الكُبْرَى " ولم يقل : الكُبَر لرؤوس الآي{[23891]} . وقيل{[23892]} : فيه إضمار معناه : لُنِرِيَكَ من آياتنا الآية الكبرى ويدل عليه قول ابن عباس{[23893]} : كانت يد موسى أكبر آياته{[23894]} وهو قول الحسن قال : اليد أعظم في الإعجاز من العصا ، فإنه جعل " الكُبْرَى " مفعولاً ثانياً{[23895]} لنريك وجعل ذلك ( راجعاً للآية القريبة ، وقد ){[23896]} ضُعِّفَ ذلك بأنه ليس في اليد إلا تغير اللون ، ( وأما العصا ففيها تغير اللون ){[23897]} وخلق الزيادة في الجسم وخلق الحياة والقدرة والأعضاء المختلفة ، وابتلاع الشجر والحجر ، ثم عادت عصا بعد ذلك ، فقد وقع التغير مرة أخرى في كل هذه الأمور فكانت العصا أعظم{[23898]} .

وأما قوله : { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الكُبْرَى } فقد ثبت أنه عائد إلى الكلام ، وأنه غير مختص باليد{[23899]} .


[23865]:انظر التبيان 2/889.
[23866]:الكشاف 2/431.
[23867]:في ب: وذكر.
[23868]:انظر البحر المحيط 6/236.
[23869]:البحر المحيط 6/236.
[23870]:في ب: بأخرج. وهو تحريف.
[23871]:انظر التبيان 2/889.
[23872]:الكشاف 2/431.
[23873]:في ب: أنها.
[23874]:ثانيا: سقط من ب.
[23875]:من: سقط من الأصل.
[23876]:في ب: ويكون الكبرى.
[23877]:في الأًصل: وصفا لجمع المؤنث غير العاقلة وصف الواحدة.
[23878]:[طه: 18].
[23879]:[طه: 8].
[23880]:قال الزمخشري: ("لنريك" أي: خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى، أو: لنريك بهما الكبرى من آياتنا، أو: لنريك من آياتنا الكبرى فعلنا ذلك) الكشاف 2/431.
[23881]:انظر البحر المحيط 6/237.
[23882]:قال أبو البقاء: (الكبرى صفة لآيات: وحكمها حكم مآرب، ولو قال: الكبر لجاز، ويجوز أن تكون الكبرى نصبا بـ "نريك" و"من آياتنا" حال منها، أي: لنريك الآية الكبرى من آياتنا) التبيان 2/889.
[23883]:ما بين القوسين في ب: وأبو البقاء وابن عطية. أي: لنريك من آياتنا الآية الكبرى. قال: وقال: من آياتنا الكبرى. ولم يقل الكبر لرؤوس الآي.
[23884]:في ب: من.
[23885]:في ب: آيات. وهو تحريف.
[23886]:في ب: المتصلة وهو تحريف.
[23887]:في ب: فلا يلزم. وهو تحريف.
[23888]:في ب: العصا.
[23889]:في ب: الآخر.
[23890]:البحر المحيط 6/237. بتصرف يسير.
[23891]:انظر القرطبي 11/191.
[23892]:وقيل: سقط من ب.
[23893]:في ب: ابن عباس رضي الله عنه.
[23894]:انظر القرطبي 11/191.
[23895]:في ب: بآياتنا. وهو تحريف.
[23896]:ما بين القوسين سقط من ب. وفيه: وجعل ذلك قريبا.
[23897]:ما بين القوسين سقط من ب.
[23898]:انظر الفخر الرازي 22/30، والبحر المحيط 6/237.
[23899]:انظر الفخر الرازي 22/30.