غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱجۡعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنۡ أَهۡلِي} (29)

1

ومن مطالب موسى قوله { واجعل لي وزيراً من أهلي } قال أهل الاشتقاق : الوزير من الوزر بالكسر لأنه يتحمل عن الملك أوزاره ومؤنة ، أو من الوزر بفتحتين وهو الملجأ لأن الملك يعتصم برأيه ويلجيء إليه أموره ، والاستعانة بالوزير وبحسن رأيه دأب الملوك العقلاء وقد استحسنه نبينا صلى الله عليه وسلم فقال " إذا أراد الله بملك خيراً قيض له وزيراً صالحاً إن نسي ذكره وإن نوى خيراً أعانه عليه ، وإن أراد شراً كفه " وكان أنو شروان يقول : لا يستغني أجود السيوف عن الصقل ، ولا أكرم الدواب عن السوط ، ولا أعلم الملوك عن الوزير . وكفى بمرتبة الوزارة منقبة وفخراً وشرفاً وذكراً أن النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالمعجزات الباهرة ابتهل إلى الله سبحانه في مقام القرب والمكالمة يطلبه منه ، فيجب على من أوتي هذه الرتبة أن يؤدي إلى الله حقها ولا يغتر بالدنيا وما فيها ، ويزرع في أرض الوزارة ما لم يندم عليه وقت حصاده . وقيل : إن موسى خاف على نفسه العجز عن القيام بذلك الأمر العظيم والخطب الجسيم فطلب المعين . والأظهر أنه رأى أن التعاون على الدين والتظاهر عليه مع خلوص النية وصفاء الطوية أبعد عن التهمة وأعون على الغرض ، ولهذا حكى عن عيسى أنه قال { من أنصاري إلى الله } [ الصف : 14 ] وخوطب نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } [ الأنفال : 64 ] وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال " إن لي في السماء وزيرين وفي الارض وزيرين فاللذان في السماء جبرائيل وميكائيل واللذان في الأرض أبو بكر وعمر " .

/خ36