البئر : من بأرت أي حفرت ، وهي مؤنثة على وزن فعل بمعنى مفعول ، وقد تذكر على معنى القليب .
{ فكأين } للتكثير ، واحتمل أن يكون في موضع رفع على الابتداء وفي موضع نصب على الاشتغال .
وقرأ أبو عمرو وجماعة أهلكتها بتاء المتكلم ، والجمهور بنون العظمة { وهي ظالمة } جملة حالية { فهي خاوية على عروشها } تقدم تفسير هذه الجملة في البقرة في قوله { أو كالذي مر على قرية } وقال الزمخشري : فإن قلت : ما محل الجملتين من الإعراب ؟ أعني { وهي ظالمة فهي خاوية } قلت : الأولى في محل نصب على الحال ، والثانية لا محل لها لأنها معطوفة على { أهلكناها } وهذا الفعل ليس له محل انتهى .
وهذا الذي قاله ليس بجيد لأن { فكأين } الأجود في إعرابها أن تكون مبتدأة والخبر الجملة من قوله { أهلكناها } فهي في موضع رفع والمعطوف على الخبر خبر ، فيكون قوله { فهي خاوية } في موضع رفع ، لكن يتجه قول الزّمخشري على الوجه القليل وهو إعراب { فكأين } منصوباً بإضمار فعل على الاشتغال ، فتكون الجملة من قوله { أهلكناها } مفسرة لذلك الفعل ، وعلى هذا لا محل لهذه الجملة المفسرة فالمعطوف عليها لا محل له .
وقرأ الجحدري والحسن وجماعة { معطلة } مخففاً يقال : عطلت البئر وأعطلتها فعطلت ، هي بفتح الطاء ، وعطلت المرأة من الحليّ بكسر الطاء .
قال الزمخشري : ومعنى المعطلة أنها عامرة فيها الماء ومعها آلات الاستقاء إلاّ أنها عطلت أي تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها ، والمشيد المجصص أو المرفوع البنيان والمعنى كم قرية أهلكنا ، وكم بئر عطلنا عن سقاتها و { قصر مشيد } أخليناه عن ساكنيه ، فترك ذلك لدلالة { معطلة } عليه انتهى .
{ وبئر } { وقصر } معطوفان على { من قرية } و { من قرية } تمييز لكأين ، { وكأين } تقتضي التكثير ، فدل ذلك على أنه لا يراد بقربه وبئر وقصر معين ، وإن كان الإهلاك إنما يقع في معين لكن من حيث الوقوع لا من حيث دلالة اللفظ ، وينبغي أن يكون { بئر } { وقصر } من حيث عطفا على { من قرية } أن يكون التقدير أهلكتهما كما كان أهلكتها مخبراً به عن { كأين } الذي هو القرية من حيث المعنى .
والمراد أهل القرية والبئر والقصر ، وجعل { وبئر معطلة وقصر مشيد } معطوفين على { عروشها } جهل بالفصاحة ووصف القصر بمشيد ولم يوصف بمشيد كما في قوله في { بروج مشيدة } لأن ذلك جمع ناسب التكثير فيه ، وهذا مفرد وأيضاً { مشيد } فاصلة آية .
وقد عين بعض المفسرين هذه البئر .
فعن ابن عباس أنها كانت لأهل عدن من اليمن وهي الرس .
وعن كعب الأحبار أن القصر بناه عاد الثاني وهو منذر بن عاد بن إرم بن عاد .
وعن الضحاك وغيره : أن البئر بحضرموت من أرض الشحر ، والقصر مشرف على قلة جبل لا يرتقى ، والبئر في سفحه لا يقر الريح شيئاً يسقط فيها .
روي أن صالحاً عليه السلام نزل عليها مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله من العذاب .
وهي بحضرموت ، وسميت بذلك لأن صالحاً حين حضرها مات وثم بلدة عند البئر اسمها حاضورا بناها قوم صالح وأمروا عليهم جليس بن جلاس ، وأقاموا بها زمناً ثم كفروا وعبدوا صنماً ، وأرسل إليهم حنظلة بن صفوان ، وقيل : اسمه شريح بن صفوان نبياً فقتلوه في السوق فأهلكهم الله عن آخرهم وعطل بئرهم وخرب قصرهم .
وعن الإمام أبي القاسم الأنصاري أنه قال : رأيت قبر صالح بالشام في بلدة يقال لها عكا فكيف يكون بحضرموت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.