البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (27)

ولما فرغ الهدهد من كلامه ، وأبدى عذره في غيبته ، أخر سليمان أمره إلى أن يتبين له صدقه من كذبه فقال : { سننظر أصدقت } في أخبارك أم كذبت .

والنظر هنا : التأمل والتصفح ، وأصدقت : جملة معلق عنها سننظر ، وهي في موضع نصب على إسقاط حرف الجر ، لأن نظر ، بمعنى التأمل والتفكر ، إنما يتعدى بحرف الجر الذي هو في .

وعادل بين الجملتين بأم ، ولم يكن التركيب أم كذبت ، لأن قوله : { أم كنت من الكاذبين } أبلغ في نسبة الكذب إليه ، لأن كونه من الكاذبين يدل على أنه معروف بالكذب ، سابق له هذا الوصف قبل الإخبار بما أخبر به .

وإذا كان قد سبق له الوصف بالكذب ، كان متهماً فيما أخبر به ، بخلاف من يظن ابتداء كذبه فيما أخبر به .