ثوى يثوي ثواء : أقام ، قال الشاعر :
لقد كان في حول ثواء ثويته *** تقضي لبانات ويسأم سائم
وقال العجاج : فبات حيث يدخل الثوى- -
فإن قلت : كيف يتصل قوله : { ولكنا أنشأنا قروناً } بهذا الكلام ، ومن أي جهة يكون استدراكاً ؟ قلت : اتصاله به وكونه استدراكاً من حيث أن معناه : ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قروناً كثيرة ، فتطاول على آخرهم ، وهو القرن الذي أنت فيهم .
{ العمر } : أي أمد انقطاع الوحي ، واندرست العلوم ، فوجب إرسالك إليهم ، فأرسلناك وكسبناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى ، كأنه قال : وما كنت شاهداً لموسى وما جرى عليه ، ولكنا أوحيناه إليك ، فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة النظرة ، ودل به على المسبب على عادة الله في اختصاره .
فإذن ، هذا الاستدراك شبيه للاستدراكين بعده .
{ وما كنت ثاوياً } : أي مقيماً في أهل مدين ، هم شعيب والمؤمنون .
{ تتلوا عليهم آياتنا } : تقرأ عليهم تعلماً منهم ، يريد الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه .
ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها .
وقيل : { فتطاول عليهم العمر } ، وفترت النبوة ، ودرست الشرائع ، وحرف كثير منها ؛ وتمام الكلام مضمر تقديره : وأرسلناك مجدداً لتلك الأخبار ، مميزاً للحق بما اختلف فيه منها ، رحمة منا .
وقيل : يحتمل أن يكون المعنى : وما كنت من الشاهدين في ذلك الزمان ، وكانت بينك وبين موسى قرون تطاولت أعمارهم ، وأنت تخبر الآن عن تلك الأحوال أخبار مشاهدة وعيان بإيحائنا ، معجزة لك .
وقيل : تتلو حال ، وقيل : مستأنف ، أي أنت الآن تتلو قصة شعيب ، ولكنا أرسلناك رسولاً ، وأنزلنا عليك كتاباً فيه هذه الأخبار المنسية تتلوها عليهم ، ولولاك ما أخبرتهم بما لم يشاهدوه .
وقال الفراء : { وما كنت عليهم } في أهل مدين مع موسى ، فتراه وتسمع كلامه ، وها أنت { تتلوا عليهم آياتنا } : أي على أمتك ، فهو منقطع . انتهى .
قيل : وإذا لم يكن حاضراً في ذلك المكان ، فما معنى : { وما كنت من الشاهدين } ؟ فقال ابن عباس : التقدير : لم تحضر ذلك الموضع ، ولو حضرت ، فما شاهدت تلك الوقائع ، فإنه يجوز أن يكون هناك : ولا يشهد ولا يرى .
وقال مقاتل : لم يشهد أهل مدين فيقرأ على أهل مكة خبرهم ، ولكنا أرسلناك إلى أهل مكة ، وأنزلنا إليك هذه الأخبار ، ولولا ذلك ما علمت .
وقال الضحاك : يقول إنك يا محمد لم تكن الرسول إلى أهل مدين ، تتلو عليهم آيات الكتاب ، وإنما كان غيرك ، ولكنا كنا مرسلين في كل زمان رسولاً ، فأرسلنا إلى مدين شعيباً ، وأرسلناك إلى العرب لتكون خاتم الأنبياء . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.