البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (12)

{ وما يستوي البحران } : هذه آية أخرى يستدل بها على كل عاقل أنه مما لا مدخل لصنم فيه .

وتقدم شرح : { هذا عذب فرات } وشرح : { وهذا ملح أجاج } في سورة الفرقان .

وهنا بين القسمين صفة للعرب ، وبين قوله : { سائغ شرابه } .

وقرأ الجمهور : سائغ ، اسم فاعل من ساغ .

وقرأ عيسى : سيغ على وزن فيعل ، كميت ؛ وجاء كذلك عن أبي عمرو وعاصم .

وقرأ عيسى أيضاً : سيغ مخففاً من المشدد ، كميت مخفف ميت .

وقرأ الجمهور : ملح ، وأبو نهيك وطلحة : بفتح الميم وكسر اللام ، وقال أبو الفضل الرازي : وهي لغة شاذة ، ويجوز أن يكون مقصوراً من مالح ، فحذف الألف تخفيفاً .

وقد يقال : ماء ملح في الشذوذ ، وفي المستعمل : مملوح .

وقال الزمخشري : ضرب البحرين ، العذب والملح ، مثلين للمؤمن والكافر .

ثم قال على صفة الاستطراد في صفة البحرين وما علق بها : من نعمته وعطائه .

{ ومن كل } ، من شرح الزمخشري : ألفاظاً من الآية تكررت في سورة النحل .

ثم قال : ويحتمل غير طريقة الاستطراد ، وهو أن يشبه الجنسين بالبحرين ، ثم يفضل البحر الأجاج على الكافر ، بأنه قد شارك العذب في منافع من السمك واللؤلؤ ، وجرى الفلك فيه .

وللكافر خلو من النفع ، فهو في طريقة قوله تعالى : { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك } الآية . انتهى .

{ لتبتغوا من فضله } : يريد التجارات والحج والغزو ، أو كل سفر له وجه شرعي .