{ وإذا قيل لهم أنفقوا } : لما أسلم حواشي الكفار من أقربائهم ومواليهم من المستضعفين ، قطعوا عنهم ما كانوا يواسونهم به ، وكان ذلك بمكة أولاً قبل نزول آيات القتال ، فندبهم المؤمنون إلى صلة قراباتهم فقالوا : { أنطعم من لو شاء الله أطعمه } .
وقيل : سحق قريش بسبب أذية المساكين من مؤمن وغيره ، فندبهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة عليهم ، فقالوا هذا القول .
وقيل : قال فقراء المؤمنين : أعطونا ما زعمتم من أموالكم ، إنها لله ، فحرموهم وقالوا ذلك على سبيل الاستهزا .
وقال ابن عباس : كان بمكة زنادقة ، إذا أمروا بالصدقة قالوا : لا والله ، أيفقره الله ونطمعه نحن ؟ أو كانوا يسمعون المؤمنين يعلقون الأفعال بمشيئة الله : لو شاء الله لأغنى فلاناً ، ولو شاء لأعزه ، ولو شاء لكان كذا ، فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين وبما كانوا يقولون .
وقال القشيري : نزلت في قوم من الزنادقة لا يؤمنون بالصانع ، استهزاء بالمسلمين بهذا القول .
وقال الحسن : { وإذا قيل لهم } ، أي اليهود ، أمروا بإطعام الفقراء .
وجواب لو نشاء قوله : اطعمهم ، وورود الموجب بغير لام فصيح ، ومنه : { أن لو نشاء أصبناهم } { لو نشاء جعلناه أجاجاً } والأكثر مجيئه باللام ، والتصريح بالموضعين من الكفر والإيمان دليل على أن المقول لهم هم الكافرون ، والقائل لهم هم المؤمنون ، وأن كل وصف حامل صاحبه على ما صدر منه ، إذ كل إناء بالذي فيه يرشح .
وأمروا بالانفاق { مما رزقكم الله } ، وهو عام في الإطعام وغيره ، فأجابوا بغاية المخالفة ، لأن نفي إطعامهم يقتضي نفي الإنفاق العام ، فكأنهم قالوا : لا ننفق ، ولا أقل الأشياء التي كانوا يسمحون بها ويؤثرون بها على أنفسهم ، وهو الإطعام الذي به يفتخرون ، وهذا على سبيل المبالغة .
كمن يقول لشخص : أعط لزيد ديناراً ، فيقول : لا أعطيه درهماً ، فهذا أبلغ لا أعطيه ديناراً .
والظاهر أن قوله : { إن أنتم إلا في ضلال مبين } من تمام كلام الكفار يخاطبون المؤمنين ، أي حيث طلبتم أن تطعموا من لا يريد الله إطعامه ، إذ لو أراد الله إطعامه لأطعمه هو .
ويجوز أن يكون من قول الله لهم استأنف زجرهم به ، أو من قول المؤمنين لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.