البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

ولما ذكر تعالى الرسالة ، وهي أحد الأصول الثلاثة التي بها يصير المكلف مؤمناً ، ذكر الحشر ، وهو أحد الأصول الثلاثة .

والثالث هو توحيد ، فقال : { إنا نحن نحيي الموتى } : أي بعد مماتهم .

وأبعد الحسن والضحاك في قوله : إحياؤهم : إخراجهم من الشرك إلى الإيمان .

{ ونكتب ما قدموا } ، كناية عن المجازاة : أي ونحصي ، فعبر عن إحاطة علمه بأعمالهم بالكتابة التي تضبط بها الأشياء .

وقرأ زر ومسروق : ويكتب ما قدموا وآثارهم بالياء مبنياً للمفعول ، وما قدموا من الأعمال .

وآثارهم : خطاهم إلى المساجد .

وقال : السير الحسنة والسيئة .

وقيل : ما قدّموا من السيئات وآثارهم من الأعمال .

وقال الزمخشري : ونكتب ما أسلفوا من الأعمال الصالحات غيرها ، وما هلكوا عنه من أثر حسن ، كعلم علموه ، وكتاب صنفوه ، أو حبيس أحبسوه ، أو بناء بنوه من مسجد أو رباط أو قنطرة أو نحو ذلك ، أو سيء كوظيفة وظفها بعض الظلام على المسلمين ، وسكة أحدثها فيها تحيرهم ، وشيء أحدث فيه صد عن ذكر الله من ألحان وملاه ، وكذلك كل سنة حسنة ، أو سيئة يستن بها ، ونحوه قوله عز وجل : { ينبؤ الإنسان يومئذ بما قدّم وأخر } من آثاره . انتهى .

وقرأ الجمهور : { وكل شيء } بالنصب على الاشتغال .

وقرأ أبو السمال : بالرفع على الابتداء .

والإمام المبين : اللوح المحفوظ ، قاله مجاهد وقتادة وابن زيد ، وقالت فرقة : أراد صحف الأعمال .