قمح البعير رأسه : رفعه أثر شرب الماء ، ويأتي الكلام فيه مستوفي .
والظاهر أن قوله : { إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً } الآية هو حقيقة لا استعارة .
لما أخبر تعالى أنهم لا يؤمنون ، أخبر عن شيء من أحوالهم في الآخرة إذا دخلوا النار .
والغل ما أحاط بالعنق على معنى التعنيف والتضييق والتعذيب والأسر ، ومع العنق اليدان أو اليد الواحدة على معنى التعليل .
والظاهر عود الضمير في فهي إلى الأغلال ، لأنها هي المذكورة والمحدث عنها .
قال ابن عطية : هي عريضة تبلغ بحرفها الأذقان ، والذقن مجتمع اللحيين ، فيضطر المغلول إلى رفع وجهه نحو السماء ، وذلك هو الإقماح ، وهو نحو الأقناع في الهيئة .
وقال الزمخشري : الأغلال وأصله إلى الأذقان مكزوزة إليها ، وذلك أن طوق الغل الذي هو عنق المغلول يكون في ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة فيها رأس العمود نادراً من الحلقة إلى الذقن ، فلا تخليه يطاطىء رأسه ويوطىء قذاله ، فلا يزال مقمحاً . انتهى .
وقال الفراء : القمح الذي يغض بصره بعد رفع رأسه .
وقال الزجاج نحوه قال : يقال قمح البعير رأسه عن ري وقمح هو .
وقال أبو عبيدة : قمح قموحاً : رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب ، والجمع قماح ، ومنه قول بشر يصف ميتة أحدهم ليدفنها :
ونحن على جوانبها قعود *** نغض الطرف كالإبل القماح
وقال الليث : هو رفع البعير رأسه إذا شرب الماء الكريه ثم يعود .
وقال الزجاج : للكانونين شهرا قماح ، لأن الإبل إذا وردت الماء ترفع رؤوسها لشدة برده ، وأنشد أبو زيد بيت الهذلي :
فتى ما ابن الأعز إذا شتونا *** وحب الزاد في شهري قماح
رواه بضم القاف ، وابن السكيت بكسرها ، وهما لغتان .
وسميا شهري قماح لكراهة كل ذي كبد شرب الماء فيه .
وقال الحسن : القامح : الطافح ببصره إلى موضع قدمه .
وقال مجاهد : الرافع الرأس ، الواضح يده على فيه .
وقال الطبري : الضمير في فهي عائد على الأيدي ، وإن لم يتقدم لها ذكر ، لوضوح مكانها من المعنى ، وذلك أن الغل إنما يكون في العنق مع اليدين ، ولذلك سمي الغل جامعة لجمعه اليد والعنق .
وأرى علي ، كرم الله وجهه ، الناس الأقماح ، فجعل يديه تحت لحييه وألصقهما ورفع رأسه .
وقال الزمخشري : جعل الأقماح نتيجة قوله : { فهي إلى الأذقان } .
ولو كان الضمير للأيدي ، لم يكن معنى التسبب في الأقماح ظاهراً .
على أن هذا الإضمار فيه ضرب من التعسف وترك الظاهر الذي يدعوه المعنى إلى نفسه إلى الباطل الذي يجفو عنه ترك للحق الأبلج إلى الباطل اللجلج . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.