البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَن يَعۡمَلۡ سُوٓءًا أَوۡ يَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ يَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (110)

{ ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً } الظاهر أنهما غير أنّ عمل السوء القبيح الذي يسوء غيره ، كما فعل طعمة بقتادة واليهودي .

وظلم النفس ما يختص به كالحلف الكاذب .

وقيل : ومن يعمل سوءاً من ذنب دون الشرك ، أو يظلم نفسه بالشرك انتهى .

وقيل : السوء الذنب الصغير ، وظلم النفس الذنب الكبير .

وقال أبو عبد الله الرازي : وخص ما يبدي إلى الغير باسم السوء ، لأن ذلك يكون في الأكثر لا يكون ضرراً حاضراً ، لأنّ الإنسان لا يوصل الضرر إلى نفسه .

وقيل : السوء هنا السرقة .

وقيل : الشرك .

وقيل : كل ما يأثم به .

وقيل : ظلم النفس هنا رمي البريء بالتهمة .

وقيل : ما دون الشرك من المعاصي .

وقال ابن عطية : هما بمعنى واحد تكرر باختلاف لفظ مبالغة .

والظاهر تعليق الغفران والرحمة للعاصي على مجرد الاستغفار وأنه كاف ، وهذا مقيد بمشيئة الله عند أهل السنة .

وشرط بعضهم مع الاستغفار التوبة ، وخص بعضهم ذلك بأنْ تكون المعصية مما بين العبد وبين ربه ، دون ما بينه وبين العبيد .

وقيل : الاستغفار التوبة .

وفي لفظة : يجد الله غفوراً رحيماً ، مبالغة في الغفران .

كأنّ المغفرة والرحمة معدَّان لطالبهما ، مهيآن له متى طلبهما وجدهما .

وهذه الآية فيها لطف عظيم ووعد كريم للعصاة إذا استغفروا الله ، وفيها تطلب توبة بني أبيرق والذابين عنهم واستدعاؤهم لها .

وعن ابن مسعود : أنها من أرجى الآيات .

/خ113