{ رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } أي يبشرون بالجنة من أطاع ، وينذرون بالنار من عصى .
وأراد تعالى أن يقطع بالرسل احتجاج من يقول : لو بعث إلي رسول لآمنت .
وفي الحديث : « وليس أحد أحب إليه العذر من الله » فمن أجل ذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه الله تعالى من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة ، والرسل في أنفسهم لم يتوصلوا إلى المعرفة إلا بالنظر في تلك الأدلة ، ولا عرفوا أنهم رسل الله إلا بالنظر فيها ؟ قلت : الرسل منهيون عن الغفلة ، وباعثون على النظر كما ترى علماء العدل والتوحيد ، مع تبليغ ما حملوه من تفصيل أمور الدين ، وبيان أحوال التكليف وتعلم الشرائع ، فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميماً لإلزام الحجة لئلا يقولوا : لولا أرسلت إلينا رسولاً فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له انتهى .
وقوله : لئلا هو كالتعليل لحالتي : التبشير والإنذار .
والتبشير هو بالجنة ، والإنذار هو بالنار .
وليس الثواب والعقاب حاكماً بوجوبهما العقل ، وإنما هو مجوّز لهما ، وجاء السمع فصارا واجباً وقوعهما ، ولم يستفد وجوبهما إلا من البشارة والنذارة .
فلو لم يبشر الرسل بالجنة لمن امتثل التكاليف الشرعية ، ولم ينذروا بالنار من لم يمتثل ، وكانت تقع المخالفة المترتب عليها العقاب بما لا شعور للمكلف بها من حيث أن الله لا يبعث إليه من يعلمه بأنّ تلك معصية ، لكانت له الحجة إذ عوقب على شيء لم يتقدم إليه في التحذير من فعله ، وأنه يترتب عليه العقاب .
وأما ما نصبه الله تعالى من الأدلة العقلية فهي موصلة إلى المعرفة والإيمان بالله على ما يجب ، والعلل في الآية هو غير المعرفة والإيمان بالله ، فلا يرد سؤال الزمخشري .
وانتصب رسلاً على البدل وهو الذي عبر عنه الزمخشري بانتصابه على التكرير .
قال : والأوجه أن ينتصب على المدح .
وجوّز غيره أن يكون مفعولاً بأرسلنا مقدرة ، وأن يكون حالاً موطئة .
ولئلا متعلقة بمنذرين على طريق الإعمال .
وجوّز أن يتعلق بمقدر أي : أرسلناهم بذلك أي : بالبشارة والنذارة لئلا يكون
{ وكان الله عزيزاً حكيماً } أي لا يغالبه شيء ، ولا حجة لأحد عليه ، صادرة أفعاله عن حكمة ، فلذلك قطع الحجة بإرسال الرسل .
وقيل : عزيزاً في عقاب الكفار ، حكيماً في الأعذار بعد تقدم الإنذار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.