البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ} (2)

0

والظاهر أن { الرحمن } مرفوع على الابتداء ، { وعلم القرآن } خبره .

وقيل : { الرحمن } آية بمضمر ، أي الله الرحمن ، أو الرحمن ربنا ، وذلك آية ؛ و { علم القرآن } استئناف إخبار .

ولما عدّد نعمه تعالى ، بدأ من نعمه بما هو أعلى رتبها ، وهو تعليم القرآن ، إذ هو عماد الدين ونجاة من استمسك به .

وعلم متعدّية إلى اثنين ، حذف أولهما لدلالة المعنى عليه ، وهو جبريل ، أو محمد عليهما الصلاة والسلام ، أو الإنسان ، أقوال .

وتوهم أبو عبد الله الرازي أن المحذوف هو المفعول الثاني ، قال : فإن قيل : لم ترك المفعول الثاني ؟ وأجاب بأن النعمة في التعليم ، لا في تعليم شخص دون شخص ، كما يقال : فلان يطعم الطعام ، إشارة إلى كرمه ، ولا يبين من يطعمه . انتهى .

والمفعول الأول هو الذي كان فاعلاً قبل النقل بالتضعيف أو الهمزة في علم وأطعم .

وأبعد من ذهب إلى أن معنى { علم القرآن } : جعله علامة وآية يعتبر بها ، وهذه جمل مترادفة ، أخبار كلها عن الرحمن ، جعلت مستقلة لم تعطف ، إذ هي تعداد لنعمه تعالى .

كما تقول : زيد أحسن إليك ، خوّلك : أشار بذكرك ، والإنسان اسم جنس .