البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَقِيمُواْ ٱلۡوَزۡنَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تُخۡسِرُواْ ٱلۡمِيزَانَ} (9)

ولما كانت التسوية مطلوبة جداً ، أمر الله تعالى فقال : { وأقيموا الوزن } .

وقرأ الجمهور : { ولا تخسروا } ، من أخسر : أي أفسد ونقص ، كقوله : { وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } أي ينقصون .

وبلال بن أبي بردة وزيد بن علي : تخسر بفتح التاء ، يقال : خسر يخسر ، وأخسر يخسر بمعنى واحد ، كجبر وأجبر .

وحكى ابن جني وصاحب اللوامح ، عن بلال : فتح التاء والسين مضارع خسر بكسر السين ، وخرجها الزمخشري على أن يكون التقدير : في الميزان ، فحذف الجار ونصب ، ولا يحتاج إلى هذا التخريج .

ألا ترى أن خسر جاء متعدياً كقوله تعالى : { خسروا أنفسهم } و { خسر الدنيا والآخرة } ؟ وقرئ أيضاً : تخسروا ، بفتح التاء وضم السين .

لما منع من الزيادة ، وهي الطغيان ، نهى عن الخسران الذي هو نقصان ، وكرر لفظ الميزان ، تشديداً للتوصية به وتقوية للأمر باستعماله والحث عليه .