{ علم } أي : من شاء { القرآن } وقدم من نعمه الدينية ما هو أعلى مراتبها وأقصى مراقبها وهو إنعامه تعالى بالقرآن العظيم ، وتنزيله وتعليمه لأنه أعظم وحي الله تعالى رتبة ، وأعلاها منزلة ، وأحسنه في أبواب الدين أثراً ؛ وهو سنام الكتب السماوية ، ومصداقها والعيار عليها .
تنبيه : أول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها ؛ لأنّ آخر تلك مليك مقتدر ، وأوّل هذه أنه رحمن . قال سعيد بن جبير وعامر والشعبي : الرحمن : فاتحة ثلاث سور إذا جمعن كن اسماً من أسماء الله تعالى الر ، وحم ، ون ، فيكون مجموع هذه الرحمن . ولله تبارك وتعالى رحمتان : رحمة سابقة بها خلق الخلق ؛ ورحمة لاحقة بها أعطاهم الرزق والمنافع ، فهو رحمن باعتبار السابقة ، رحيم باعتبار اللاحقة ، ولما اختص بالإيجاد لم يقل لغيره رحمن ولما خلق بعض خلقه الصالحين ببعض أخلاقه بحسب الطاقة البشرية فأطعم ونفع جاز أن يقال له : رحيم .
وفي إعراب الرحمن ثلاثة أوجه : أحدها : أنه خبر مبتدأ مضمر أي الله الرحمن الثاني : أنه مبتدأ وخبره مضمر أي الرحمن ربنا . الثالث : أنه مبتدأ خبره علم القرآن ؛ فإن قيل : كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى : { وما يعلم تأويله إلا الله } [ آل عمران : 7 ] أجيب بأنا أن قلنا بعطف الراسخين على الله فهو ظاهر ، وإن قلنا بالوقف على الله ويبتدأ بقوله تعالى : { والراسخون } [ آل عمران : 7 ] فلأن من علم كتاباً عظيماً فيه مواضع مشكلة قليلة وتأمّلها بقدر الإمكان فإنه يقال فلان يعلم الكتاب الفلاني ، وإن كان لم يعلم مراد صاحب الكتاب بيقين في تلك المواضع القليلة ، وكذا القول في تعليم القرآن ، أو يقال المراد لا يعلمه من تلقاء نفسه بخلاف الكتب التي تستخرج بقوة الذكاء والفكر .
واختلف في سبب نزول هذه الآية فقال أكثر المفسرين : نزلت حين قالوا : وما الرحمن ، وقيل : نزلت جواباً لأهل مكة حين قالوا : إنما يعلمه بشر وهو رحمان اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب ؛ فأنزل الله تعالى : { الرحمن علم القرآن } أي : سهله ليذكر ويقرأ ، كما قال تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر } [ القمر : 17 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.