فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَقِيمُواْ ٱلۡوَزۡنَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تُخۡسِرُواْ ٱلۡمِيزَانَ} (9)

ثم أمر سبحانه بإقامة العدل بعد إخباره للعباد بأنه وضعه لهم ، فقال : { وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط } أي قوّموا وزنكم بالعدل . وقيل المعنى : أقيموا لسان الميزان بالعدل ، وقيل المعنى : أنه وضع الميزان في الآخرة لوزن الأعمال ، و «أن » في قوله : { أَلاَّ تَطْغَوْاْ } مصدرية : أي لئلا تطغوا ، و «لا » نافية : أي وضع الميزان لئلا تطغوا ، وقيل : هي مفسرة ، لأن في الوضع معنى القول ، والطغيان مجاوزة الحد فمن قال : الميزان : العدل ، قال : طغيانه الجور ، ومن قال : الميزان : الآلة التي يوزن بها ، قال : طغيانه : البخس { وَلاَ تُخْسِرُواْ الميزان } أي لا تنقصوه : أمر سبحانه أوّلاً بالتسوية ، ثم نهى عن الطغيان الذي هو المجاوزة للحد بالزيادة ، ثم نهى عن الخسران الذي هو النقص والبخس . قرأ الجمهور : { تُخْسِرُواْ } بضم التاء ، وكسر السين من أخسر ، وقرأ بلال بن أبي برزة وأبان بن عثمان وزيد بن علي بفتح التاء والسين من خسر ، وهما لغتان ، يقال : أخسرت الميزان وخسرته .

/خ25