قوله : { وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط } .
وقال أبو الدرداء : أقيموا لسان الميزان بالقسط والعدل{[54309]} .
وقال ابن عيينة : الإقامة باليد ، والقسط بالقلب .
وقال مجاهد : القسط : العدل بالرومية{[54310]} .
وقيل : هو كقولك : أقام الصلاة ، أي : أتى بها في وقتها ، وأقام الناس أسواقهم ، أي : أتوا بها لوقتها ، أي : لا تدعوا التعامل بالوزن والعدل .
العامة{[54311]} على ضم التاء وكسر السين ، من «أخْسَرَ » أي : نقص ، كقوله : { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [ المطففين : 3 ] .
وقرأ زيد{[54312]} بن علي ، وبلال بن أبي بردة : بفتح التاء وكسر السين ، فيكون «فَعِل ، وأفْعَل » بمعنى ، يقال : خَسِر الميزان ، وأخْسَره «بمعنى واحد ، نحو : جَبِر وأجْبر » .
ونقل أبو الفتح{[54313]} وأبو الفضل عن بلال : فتح التاء والسين ، ونقلها أيضاً القرطبي{[54314]} عن أبان بن عثمان ، قال : وهما لغتان ، يقال : أخسرت الميزان ، وخسرته ، ك «أجبرته » و«جبرته » .
قال شهاب الدين{[54315]} : وفيها وجهان :
أحدهما : أنه على حذف حرف الجر ، تقديره : «ولا تخسروا في الميزان » ، ذكره الزمخشري{[54316]} وأبو البقاء{[54317]} ، إلا أن أبا حيان{[54318]} قال : لا حاجة إلى ذلك ؛ لأن «خَسِر » جاء متعدياً ، قال تعالى : { خسروا أَنفُسَهُمْ } [ الأنعام : 12 ] و{ خَسِرَ الدنيا والآخرة } [ الحج : 11 ] .
قال شهاب الدين{[54319]} : «وهذا أليق من ذاك ، ألا ترى أن «خسروا أنفسهم » و «خسر الدنيا والآخرة » معناه : أن الخسران واقع بهما ، وأنهما معدومان ، وهذا المعنى ليس مراداً في الآية قطعاً ، وإنما المراد : لا تخسروا الموزُون في الميزان » .
وقرئ{[54320]} : «تَخْسُروا » بفتح التاء وضم السين .
قال الزمخشري{[54321]} : «وقرئ : «ولا تَخْسروا » بفتح التاء وضم السين وكسرها وفتحها ، يقال : خَسِر الميزان يَخْسُره ويَخْسِره ، وأما الفتح فعلى أن الأصل : «في الميزان » فحذف الجار ، وأوصل الفعل إليه » .
وكرر لفظ «الميزان »{[54322]} ولم يضمره في الجملتين بعده تقوية لشأنه .
لا أرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيْءٌ *** نَغَّصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرَا{[54323]}
المعنى : ولا تنقصوا ولا تبخسوا الوزن والكيل ، كقوله : { وَلاَ تَنقُصُواْ المكيال والميزان } [ هود : 84 ] .
وقيل : لا تخسروا ميزان حسناتكم يوم القيامة ، فيكون ذلك حسرة عليكم ، وكرَّر الميزان لحال رُءُوس الآي .
وقيل : التكرير للأمر بإيفاء الوزن ، ورعاية العدل فيه{[54324]} .
وقال ابن الخطيب{[54325]} : { ولا تخسروا الميزان } أي : لا تنقصوا الموزون .
وذكر «الميزان » ثلاث مرات ، فالأول : بمعنى الآلة ، وهو قوله «وَضَعَ المِيزانَ » .
والثاني : بمعنى المصدر أي : لا تطغوا في الوزن .
والثالث : للمفعول ، أي : لا تخسروا الموزون .
وبين القرآن و«الميزان » مناسبة ، فإن القرآن فيه العلم الذي لا يوجدُ في غيره من الكتب ، والميزان به يقام العدل الذي لا يقام بغيره من الآلات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.