فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَقِيمُواْ ٱلۡوَزۡنَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تُخۡسِرُواْ ٱلۡمِيزَانَ} (9)

ثم أمر سبحانه بإقامة العدل بعد إخباره للعباد بأنه وضعه لهم فقال :{ وأقيموا الوزن بالقسط } أي قوموا وزنكم بالعدل ، وقيل : المعنى أقيموا لسان الميزان بالعدل ، وقيل : الإقامة باليد : والقسط بالقلب ، وقال مجاهد : القسط العدل بالرومية ، قلت : ومنه القسطاس بمعنى الميزان . وقيل : معناه لا تدعوا التعامل بالوزن بالعدل .

{ ولا تخسروا الميزان } أي لا تنقصوه . ولا تبخسوا الكيل والوزن وهذا كقوله : ولا تنقصوا المكيال والميزان ، وقيل : معناه لا تخسروا ميزان حسناتكم يوم القيامة ، فيكون ذلك حسرة عليكم ، والأول أولى ، وقال قتادة في هذه الآية : أعدل بن آدم كما تحب أن يعدل لك ، وأوف كما تحب أن يوف لك ، فإن العدل صلاح الناس ، أمر سبحانه أولا بالتسوية ، ثم نهى عن الطغيان الذي هو المجاوزة للحد بالزيادة ، ثم نهى عن الخسران الذي هو النقص والبخس ، وكرر لفظ الميزان تشديدا للتوصية به ، وتقوية للأمر باستعماله ، والحث عليه ، قرأ الجمهور : تخسروا من أخسر وقرئ بفتح التاء ، والسين من خسر ، وهما لغتان ، ويقال : أخسرت الميزان وخسرته .