{ وأقيموا الوزن بالقسط } أي بالاستقامة في الطريقة ، وملازمة حدّ الفضيلة ، ونقطة الاعتدال في جميع الأمور ، وكل القوى ، { ولا تخسروا الميزان } قال القاشانيّ : أي بالتفريط عن حد الفضيلة .
قال بعض الحكماء : العدل ميزان الله تعالى ، وضعه للخلق ، ونصبه للحق . انتهى .
وممن فسر { الميزان } في الآية بالعدل ، مجاهد ، وتبعه ابن جرير ، وكذا ابن كثير ، ونظر لذلك بآية{[6878]} { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } . وجوّز أن يراد بالميزان ما يعرف به مقادير الأشياء من ميزان ومكيال ونحوهما . ومنه قال السيوطي في ( الإكليل ( : فيه وجوب العدل في الوزن ، وتحريم البخس فيه . وعليه ، فوجه اتصال قوله : { ووضع الميزان } بما قبله ، هو أنه لما وصف السماء / بالرفعة التي هي مصدر القضايا والأقدار ، أراد وصف الأرض بما فيها ، مما يظهر به التفاوت ، ويعرف به المقدار ، ويسوّى به الحقوق والمواجب – كذا ارتآه القاضي- والله أعلم .
وفي الحقيقة ، الثاني من أفراد الأول ، وأخذ اللفظ عامًّا أولى وأفيد .
ومن اللطائف التي يتسع لها نظم الآية الكريمة قول الرازي : { الميزان } ذكر ثلاث مرات ، كل مرة بمعنى . فالأول : هو الآلة . والثاني : بمعنى المصدر . والثالث : للمفعول . قال : وهو كالقرآن ، ذكر بمعنى المصدر في قوله تعالى : {[6879]} { فاتبع قرآنه } ، وبمعنى المقروء في قوله :{[6880]} { إن علينا جمعه وقرآنه } ؛ وبمعنى الكتاب الذي فيه المقروء في قوله تعالى :{[6881]} { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } ، فكأنه آلة ومحل له ، وفي قوله تعالى :{[6882]} { آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } . ثم قال : وبين القرآن والميزان مناسبة ، فإن القرآن فيه من العلم ما لا يوجد في غيره من الكتب . والميزان فيه من العدل ما لا يوجد في غيره من الآلات . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.