البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَيُجۡزَوۡنَ بِمَا كَانُواْ يَقۡتَرِفُونَ} (120)

{ وذروا ظاهر الإثم وباطنه } { الإثم } عام في جميع المعاصي لما عتب عليهم في ترك أكل ما سمي الله عليه أمروا بترك { الإثم } ما فعل ظاهراً وما فعل في خفية فكأنه قال : اتركوا المعاصي ظاهرها وباطنها قاله أبو العالية ومجاهد وقتادة وعطاء وابن الأنباري والزجاج .

وقال ابن عباس : ظاهره الزنا .

وقال السدي : الزنا الشهير الذي كانت العرب تفعله وباطنه اتخاذ الأخدان .

وقال ابن جبير : ظاهره ما نص الله على تحريمه بقوله : { حرمت عليكم } الآية { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } الآية ، والباطن الزنا .

وقال ابن زيد : ظاهره نزع أثوابهم إذ كانوا يطوفون بالبيت عراة وباطنه الزنا .

وقيل : ظاهره عمل الجوارح وباطنه عمل القلب من الكبر والحسد والعجب وسوء الاعتقاد وغير ذلك من معاصي القلب .

وقيل : ظاهره الخمر وباطنه النبيذ ، وقال مجاهد أيضاً : ظاهره الزنا وباطنه ما نواه .

وقال الماتريدي : الأليق أن يحمل ظاهر { الإثم وباطنه } على أكل الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه ، وقال مقاتل : { الإثم } هنا الشرك وقال غيره جميع الذنوب سوى الشرك ، وكل هذه الأقوال تخصصات لا دليل عليها والظاهر العموم في المعاصي كلها من الشرك وغيره ، ظاهرها وخفيها ويدخل في هذا العموم كل ما ذكروه .

{ إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون } أي يكسبون الإثم في الدنيا سيجزون في الآخرة وهذا وعيد وتهديد للعصاة .