الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَيُجۡزَوۡنَ بِمَا كَانُواْ يَقۡتَرِفُونَ} (120)

قوله جلَّت عظمته : { وَذَرُواْ ظاهر الإثم وَبَاطِنَهُ } نهْيٌ عامٌّ ، والظاهرُ والباطنُ : يستوفيان جميع المعاصي ، وقال قوم : الظاهر : الأعمالُ ، والباطنُ : المعتَقَد ، وهذا أيضاً حسن ، لأنه عامٌّ ، وروى ابن المبارك في «رقائقه » بسنده ، عن أبي أُمَامة ، قال : " سَأَلَ رجُلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم : مَا الإثْمُ ؟ قَالَ : مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ ، فَدَعْهُ " ، وروى ابن المبارك أيضاً بسنده ، أنَّ رجلاً قال : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا يَحِلُّ لِي مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيَّ ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَسْكُتُ رَسُولُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : ( أَيْنَ السَّائِلُ ) فَقَالَ : أَنَا ذَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( مَا أَنْكَرَ قَلْبُكَ ، فَدَعْهُ ) ، انتهى . وقد ذكرنا معناه مِنْ طرُقٍ في غير هذا الموضعِ ، فأغنى عن إعادته .

ثم توعَّد تعالى كَسَبَةَ الإثمِ بالمجازاةِ على ما اكتسبوه من ذلك ، والاقتراف : الاكتساب .