لما بين أنَّه فَصَّل المُحَرَّمات ، أتْبَعه بما يَجِبُ تَرْكُه بالكُلِّية ، والمُرَادُ به : ما يُوجِبُ الإثْمَ ، و هي الذُنُونب كُلُّها .
قال قتادة : المُراد " بِبَاطِنه وظَاهره " عَلانيته وسِرَّه .
وقال مُجَاهِد : ظاهرة مِمَّا يَعْمَلُه الإنْسَان بالجوارح من الذُّنُوب ، وباطنه : ما يَنْويه ويَقْصده بقلبه ؛ كالمُصِرِّ على الذَّنْب{[15076]} .
وقال الكَلْبِيُّ : ظاهِره : الزِّنَا ، وبَاطنه المُخَالة{[15077]} ، وأكثر المُفَسِّرين على أنَّ ظَاهِره : الإعلان بالزِّنَا ، وهم أصْحاب الرَّايَات ، وباطنه : الاسْتِسْرَار ، وكانت العرب يُحِبُّون الزِّنَا ، وكان الشَّرِيف يَسْتَسِرُّ به ، وغير الشَّريف لا يُبالي به ، فَيُظْهره .
وقال سعيد بن جُبَيْر : ظاهر الإثْم : نكاح المحارم ، وباطنه الزِّنا{[15078]} .
وقال ابن زَيْد : ظاهره : التَّعرِّي من الثياب في الطَّواف والباطِن : الزِّنَا{[15079]} ، وروى حيَّان عن الكَلْبِي - رحمه الله - ظَاهِر الإثْم : طَواف الرِّجَال بالبيْت نَهَاراً عُرَاةً ، وباطنه : طَوَاف النِّسَاء باللَّيْل عُرَاة{[15080]} .
وقيل هذا النَّهي عامٌ في جميع المُحَرَّمات ، وهو الأصحُّ ؛ لأن تَخْصِيص اللَّفظ العام بصُورة مُعَيَّنة من غَيْر دليل ، غير جائز ، ثم قال : " إنَّ الذين يَكْسِبُون الإثْم سَيُجزون بِمَا كَانُوا يَقْتِرفُون " والاقْتِرَاف : الاكِتسَاب كما تقدَّم ، وظاهر النَّصِّ يدلُّ على أنَّه لا بُدَّ وأنْ يُعَاقب المُذنب على الذَّنب ، إلا أنَّ المُسْلِمين أجْمَعُوا على أنَّه إذا تاب ، لم يُعاقب ، وأهْل السُّنَّة زادُوا شَرْطاً ، وهو أنَّه - تبارك وتعالى- قد يَعْفُو عن المُذْنِب ؛ لقوله - تبارك وتعالى- : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } [ النساء : 48 ] الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.