{ إذا نودي } : أي إذا أذن ، وكان الأذان عند قعود الإمام على المنبر .
وكذا كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان إذا صعد على المنبر أذن على باب المسجد ، فإذا نزل بعد الخطبة أقيمت الصلاة .
وكذا كان في عهد أبي بكر وعمر إلى زمان عثمان ، كثر الناس وتباعدت المنازل ، فزاد مؤذناً آخر على داره التي تسمى الزوراء ، فإذا جلس على المنبر أذن الثاني ، فإذا نزل من المنبر أقيمت الصلاة ، ولم يعب ذلك أحد على عثمان رضى الله عنه .
فإن قلت : من في قوله : { من يوم الجمعة } ما هي ؟ قلت : هي بيان لإذا وتفسير له . انتهى .
وقرأ الجمهور : الجمعة بضم الميم ؛ وابن الزبير وأبو حيوة وابن أبي عبلة ، ورواية عن أبي عمرو وزيد بن علي والأعمش : بسكونها ، وهي لغة تميم ، ولغة بفتحها لم يقرأ بها ، وكان هذا اليوم يسمى عروبة ، ويقال : العروبة .
قيل : أول من سماه الجمعة كعب بن لؤي ، وأول جمعة صليت جمعة سعد بن أبي زرارة ، صلى بهم ركعتين وذكرهم ، فسموهم يوم الجمعة لاجتماعهم فيه ، فأنزل الله آية الجمعة ، فهي أول جمعة جمعت في الإسلام .
وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لما قدم المدينة ، نزل بقباء على بني عمرو بن عوف ، وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وأسس مسجدهم ، ثم خرج يوم الجمعة عامداً المدينة ، فأدرك صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف ، في بطن واد لهم ، فخطب وصلى الجمعة .
والظاهر وجوب السعي لقوله تعالى : { فاسعوا إلى ذكر الله } ، وأنه يكون في المشي خفة وبدار .
وقال الحسن وقتادة ومالك وغيرهم : إنما تؤتى الصلاة بالسكينة ، والسعي هو بالنية والإرادة والعمل ، وليس الإسراع في المشي ، كالسعي بين الصفا والمروة ؛ وإنما هو بمعنى قوله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } فالقيام والوضوء ولبس الثوب والمشي كله سعي .
والظاهر أن الخطاب بالأمر بالسعي للمؤمنين عموماً ، وأنهما فرض على الأعيان .
وعن بعض الشافعية ، أنها فرض كفاية ، وعن مالك رواية شاذة : أنها سنة .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي : ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الرواح إلى الجمعة واجب على كل مسلم » وقالوا : المأمور بالسعي المؤمن الصحيح الحر الذكر المقيم .
فلو حضر غيره أجزأتهم . انتهى .
والمسافة التي يسعى منها إلى صلاة الجمعة لم تتعرض الآية لها ، واختلف الفقهاء في ذلك .
فقال ابن عمرو وأبو هريرة وأنس والزهري : ستة أميال .
وروي ذلك عن الزهري وابن المنكدر .
وقال أبو حنيفة وأصحابه : على من في المصر ، سمع النداء أو لم يسمع ، لا على من هو خارج المصر ، وإن سمع النداء .
وعن ابن عمر وابن المسيب والزهري وأحمد وإسحاق : على من سمع النداء .
وعن ربيعة : على من إذا سمع النداء وخرج من بيته ماشياً أدرك الصلاة .
وقرأ كبراء من الصحابة والتابعين : فامضوا بدل { فاسعوا } ، وينبغي أن يحمل على التفسير من حيث أنه لا يراد بالسعي هنا الإسراع في المشي ، ففسروه بالمضي ، ولا يكون قرآناً لمخالفته سواد ما أجمع عليه المسلمون .
وذكر الله هنا الخطبة ، قاله ابن المسيب ، وهي شرط في انعقاد الجمعة عند الجمهور .
وقال الحسن : هي مستحبة ، والظاهر أنه يجزىء من ذكر الله تعالى ما يسمى ذكراً .
قال أبو حنيفة : لو قال الحمد لله أو سبحان الله واقتصر عليه جاز ، وقال غيره : لا بد من كلام يسمى خطبة ، وهو قول الشافعي وأبي سفيان ومحمد بن الحسن ، والظاهر تحريم البيع ، وأنه لا يصح .
وقال ابن العربي : يفسخ ، وهو الصحيح .
وقال الشافعي : ينعقد ولا يفسخ ، وكلما يشغل من العقود كلها فهو حرام شرعاً ، مفسوخ ورعاً . انتهى .
وإنما ذكر البيع من بين سائر المحرمات ، لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق ، إذ يكثر الوافدون الأمصار من القرى ويجتمعون للتجارة إذا تعالى النهار ، فأمروا بالبدار إلى تجارة الآخرة ، ونهوا عن تجارة الدنيا ، ووقت التحريم من الزوال إلى الفراغ من الصلاة ، قاله الضحاك والحسن وعطاء .
وقال ناس غيرهم : من وقت أذان الخطبة إلى الفراغ ، والإشارة بذلكم إلى السعي وترك البيع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.