البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا} (2)

وقرأ الجمهور : { قم الليل } ، بكسر الميم على أصل التقاء الساكنين ؛ وأبو السمال : بضمها اتباعا للحركة من القاف .

وقرىء : بفتحها طلباً للتخفيف .

قال ابن جني : الغرض بالحركة الهروب من التقاء الساكنين ، فبأي حركة تحرك الحرف حصل الغرض ، وقم طلب .

فقال الجمهور : هو على جهة الندب ، وقيل : كان فرضاً على الرسول خاصة ، وقيل : عليه وعلى الجميع .

قال قتادة : ودام عاماً أو عامين .

وقالت عائشة : ثمانية أشهر ، ثم رحمهم الله نزلت : { إن ربك يعلم } الآيات ، فخفف عنهم { قم الليل إلا قليلاً } .

بين الاستثناء أن القيام المأمور به يستغرق جميع الليل ، ولذلك صح الاستثناء منه ، إذ لو كان غير مستغرق ، لم يصح الاستثناء منه ، واستغراق جميعه بالقيام على الدوام غير ممكن ، لذلك استثى منه لراحة الجسد ؛ وهذا عند البصريين منصوب على الظرف ، وإن استغرقه الفعل ؛ وهو عند الكوفيين مفعول به .

وفي قوله : { إلا قليلاً } دليل على أن المستثنى قد يكون مبهم المقدار ، كقوله :

{ ما فعلوه إلا قليل منهم } في قراءة من نصب { ثم توليتم إلا قليلاً منكم }

قال وهب بن منبه : القليل ما دون المعشار والسدس .

وقال الكلبي ومقاتل : الثلث .

وقيل : ما دون النصف