غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا} (2)

1

قال جار الله : قوله { نصفه } بدل من الليل و { إلا قليلاً } استثناء من النصف كأنه قال : قم أقل من نصف الليل أو انقص من النصف قليلاً أو زد على النصف ، خيره بين أمرين بين أن يقوم أقل من نصف الليل على البت ، وبين أن يختار أحد الأمرين : النقصان من النصف أو الزيادة عليه . وإن شئت جعلت { نصفه } بدلاً من { قليلاً } لأن النصف قليل بالنسبة إلى الكل ، ولأن الواجب إذا كان هو النصف لم يخرج صاحبه عن العهدة لا بزيادة شيء فيصير الواجب بالحقيقة نصفاً فشيئاً فيكون الباقي أقل منه ، فكان تخييراً بين ثلاث بين قيام النصف بتمامه ، وبين قيام الناقص منه ، وبين قيام الزائد عليه ، فلك أن تقول : على تقدير إبدال النصف من الليل إن الضمير في { منه } و { عليه } راجع إلى الأقل من النصف فكأنه قيل : قم أقل من نصف الليل أو قم أنقص القليل أو أزيد منه قليلاً فيكون التخيير فيما وراء النصف إلى الثلث مثلاً ، وإن شئت على تقدير إبدال النصف من { قليلاً } جعلت { قليلاً } الثاني بمعنى نصف النصف وهو الربع كأنه قال : أو انقص منه قليلاً نصفه ويجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع كأنه قيل : أو زد عليه أي على الربع قليلاً نصفه وهو الثمن فيكون تخييراً بين النصف وحده والرابع والثمن معاً والربع وحده ، هذا حاصل كلامه مع بعض الإيضاح . وأما في التفسير الكبير فقد اختار أن المراد بقوله { قليلاً } الثلث لقوله تعالى في السورة { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة } ففيه دليل على أن أكثر المقادير الواجبة كان الثلثين إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما يتفق له خطأ بالاجتهاد أو النوم فينقص شيء منه إلى النصف أو إلى الثلث على قراءة الخفض . وليس هذا مما يقدح في العصمة لعسر هذا الضبط على البشر ولاسيما عند اشتغاله بالنوم ولذلك قال { علم أن لن تحصوه } فيصير تقدير الآية . قم الثلثين ثم نصف الليل . أو انقص من النصف ، أو زد عليه . والغرض التوسعة وأن أكثر الفرض هو الثلثان وأقله الثلث ليكون النقصان من النصف بقدر الزيادة . عن الكلبي قال : كان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ ما بين النصف والثلث والثلثين .

/خ20