البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا} (7)

وقرأ الجمهور : { سبحاً } : أي تصرّفاً وتقلباً في المهمات ، كما يتردّد السابح في الماء .

قال الشاعر :

أباحوا لكم شرق البلاد وغربها *** ففيها لكم يا صاح سبح من السبح

وقيل : سبحاً سبحة ، أي نافلة .

وقرأ ابن يعمر وعكرمة وابن أبي عبلة : سبخاً بالخاء المنقوطة ومعناه : خفة من التكاليف ، والتسبيخ : التخفيف ، وهو استعارة من سبخ الصوف إذا نفشه ونشر أجزاءه ، فمعناه : انتشار الهمة وتفرّق الخاطر بالشواغل .

وقيل : فراغاً وسعة لنومك وتصرّفك في حوائجك .

وقيل : المعنى إن فات حزب الليل بنوم أو عذر .

فليخلف بالنهار ، فإن فيه سبحاً طويلاً .

قال صاحب اللوامح : وفسر ابن يعمر وعكرمة سبخاً بالخاء معجمة .

وقال : نوماً ، أي تنام بالنهار لتستعين به على قيام الليل .

وقد تحتمل هذه القراءة غير هذا المعنى ، لكنهما فسراها ، فلا يجاوز عنه . انتهى .

وفي الحديث : « لا تسبخي بدعائك » ، أي لا تخففي .

وقال الشاعر :

فسبخ عليك الهم واعلم بأنه *** إذا قدّر الرحمن شيئاً فكائن

وقال الأصمعي : يقال سبح الله عنك الحمى ، أي خففها .

وقيل : السبخ : المد ، يقال : سبخي قطنك : أي مديه ، ويقال لقطع القطن سبائخ ، الواحدة سبيخة ، ومنه قول الأخطل :

فأرسلوهنّ يذرين التراب كما *** يذري سبائخ قطن ندف أوتار