{ قم الليل } أي قم للصلاة في الليل الذي هو وقت الخلوة والخفية والستر ، وقيل أن معنى قم صل عَبّر به عنه واستعير له ، واختلف هل كان هذا القيام الذي أمره به فرضا عليه أو نقلا فقيل الأمر للوجوب ، وكان واجبا عليه وعلى أمته ، بل وعلى سائر الأنبياء قبله ، وأول ما فرض عليه صلى الله عليه وسلم بعد الدعاء والإنذار قيام الليل ، وقال القرطبي ؛ والدلائل تقوي أن قيامه كان فرضا عليه صلى الله عليه وآله وسلم وحده أو عليه وعلى من كان قبله من الأنبياء أو عليه وعلى أمته ، ثلاثة أقوال : الأول قول سعيد بن جبير لتوجه الخطاب له ، والثاني قول ابن عباس ، والثالث قول عائشة وابن عباس أيضا . كذا في الخطيب والخازن وغيرهما .
والعامة على كسر الميم لالتقاء الساكنين ، وأبو السماك يضمها إتباعا لحركة القاف ، وقرئ بفتحها طلبا للخفة ، قال أبو الفتح والغرض الهرب من التقاء الساكنين فبأي حركة حرك الأول حصل الغرض .
قلت إلا أن الأصل الكسر لدليل ذكره النحويون ، والليل ظرف للقيام وإن استغرقه الحدث الواقع فيه ، هذا قول البصريين ، وأما الكوفيون فيجعلون هذا النوع مفعولا به .
أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم عن سعد بن هشام قال قلت لعائشة " أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت ألست تقرأ هذه السورة { يا أيها المزمل } قلت بلى ، قالت فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا . ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة ، وصار قيام الليل تطوعا من بعد فرضه " وقد روي هذا الحديث عنها من طرق .
وعن ابن عباس قال : " لما نزل أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها وكان بين أولها وآخرها نحو من سنة " أخرجه البيهقي والحاكم وصححه والطبراني وغيرهم ، وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال : " لما نزلت يا أيها المزمل قاموا حولا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت { فقرأوا ما تيسر منه } فاستراح الناس " وأخرج أبو داود في ناسخه وابن نصر وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن ابن عباس " في الآية قال نسختها الآية التي فيها { علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن } " .
وقوله { إلا قليلا } استثناء من الليل أي صل الليل كله إلا يسيرا منه ، والقليل من الشيء هو ما دون النصف ، وقيل ما دون السدس ، وقيل ما دون العشر ، وقال مقاتل والكلبي المراد بالقليل هنا الثلث وقد أغنانا عن هذا الاختلاف قوله { نصفه } قال الزجاج هو بدل من الليل والاستثناء هو من النصف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.