أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

شرح الكلمات :

{ إن الذين يستكبرون عن عبادتي } : أي عن دعائي .

{ سيدخلون جهنم داخرين } : أي صاغرين ذليلين .

المعنى :

وقوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني استجب لكم } . إنه لما قرر ربوبيته تعالى وأصبح لا محالة من الاعتراف بها قال لهم : { وقال ربكم ادعوني استجب لكم } أي سلوني أعطكم وأطيعوني أثبكم فأنتم عبادي وأنا ربكم . ثم قال لهم : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } ودعائي فلا يعبدونني ولا يدعونني سوف أذلهم وأهينهم وأعذبهم جزاء استكبارهم وكفرهم وهو معنى قوله : { سيدخلون جهنم داخرين } أو صاغرين ذليلين يعذبون بها أبداً .

الهداية :

من الهداية :

- فضل الدعاء وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله .

وللدعاء المستجاب شروط منها : أن يكون القلب متعلقا بالله معرضا عما سواه وأن لا يسأل ما فيه إثم ، ولا يعتدي في الدعاء فيسأل ما لم تجر سنة الله به كأن يسأل أن يري الجنة يقظة أو أن يعود شاباً وهو شيخ كبيرا أو أن يرزق الولد وهو لا يتزوج .

- الدعاء هو العبادة ولذا من دعا غير الله فقد أشرك بالله .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

قوله تعالى : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } .

اختلف المفسرون في تأويل قوله : { ادْعُونِي } وفي المراد بالاستجابة . فقد قيل : ادعوني بمعنى اعبدوني فيكون معنى الآية : اعبدوني أثبكم وأغفر لكم ؛ فالدعاء معناه العبادة ويؤيد هذا التأويل ورود الدعاء في كثير من الآيات بمعنى العبادة . وكذلك سياق الآية هنا وهو قوله بعد ذكر الدعاء { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } وفي ذلك روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الدعاء هو العبادة " .

وقيل : المعنى اسألوني أعطكم . فالدعاء معناه السؤال والطلب .

والصواب : شمول الدعاء للعبادة والسؤال . على أن التوجه إلى الله بالسؤال والطلب لهو ضرب من العبادة ، بل إنه أعظم العبادة وأجلُّها . وفي الحديث الصحيح " الدعاء مخ العبادة " ولا يستنكف عن التضرع إلى الله بالطلب أو يستكبر عن السؤال لدفع الشر وتحقيق الخير إلا خاسر أثيم . وهو قوله سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أي صاغرين ذليلين . وقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يسأل الله يغضب عليه " {[4030]} .

والمؤمن مدعُوٌّ في كل الأوقات أن يستعين بالله فيرتجيه ويسأله مستغيثا به ، طالبا منه العون والصون والتوفيق لدفع المكاره والشرور واستجلاب الحسنات والخيرات والمسرات . وليس للمرء أيُّما غنى عن التضرع إلى الله بالدعاء وهو الطلب المكرور المتواصل في كل الأحيان ، ليدعوه بقلبه الخاضع الخاشع ، ولسانه الذاكر الشاكر من غير أن يستشعر في ذلك ملالة ولا سأما بل يدعو الله ويُلحُّ عليه في الدعاء والرجاء حتى يقضي له بُغيته إن شاء سبحانه . والله جل جلاله يفيض على عباده المؤمنين المخبتين المتضرعين من واسع ملكوته وعظيم فضله ورحمته ما يقضي به حاجات عباده المكروبين ويكفكف عنهم المكاره والنائبات ويُجنِّبهم المزالق والعثرات .


[4030]:تفسير ابن كثير ج 4 ص 85 وفتح القدير ج 4 ص 498