{ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } : أي أن الحياة أشبه بالأمور الخيالية قليلة النفع سريعة الزوال .
{ وزينة } : أي ما يتزين به المرء من أنواع الزينة والزينة سريعة التغير والزوال .
{ وتفاخر بينكم وتكاثر في والأولاد } : أي أنها لا تخرج عن كونها لهواً ولعباً وزينة وتفاخراً وتكاثراً الأموال في الأموال والأولاد .
{ كمثل غيث أعجب الكفار نباته } : أي مثلها في سرعة زوالها وحرمان صاحبها من الدار الآخرة ونعيمها كمثل مطر أعجب الكفار أي الزراع أجبهم نباته أي ما نبت به من الزرع .
{ ثم يهيج فتراه مصفراً } : أي يبس فتراه مصفراً آن أوان حصاده .
{ ثم يكون حطاما } : ثم يتحول بسرعة إلى حطام يابس يتفتت .
{ إلا متاع الغرور } : أي وما الحياة الدنيا في التمتع بها إذ الحياة نفسها غرور لا حقيقة لها .
ما زال السياق الكريم في توجيه المؤمنين وإرشادهم إلى ما يزيد في كمالهم وسعادتهم في الحياتين فخاطبهم قائلا : اعلموا أيها المؤمنون الذي استبطانا قلوبهم أي خشوعهم إذ الإِقبال على الدنيا هو سبب الغفلة عن الآخرة ومتطلباتها من الذكر والعمل الصالح { أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد } هذه حقيقتها وهي أمور خيالية قليلة النفع سريعة الزوال . فلا تغتروا بها ولا تقبلوا بكلكم عليها أنصح لكم بذلك . فاللهو كاللعب لا يُخلِفان منفعة تعود على اللاهي اللاعب ، والزينة سرعان ما تتحول وتتغير وتزول والتفاخر بين المتفاخرين مجرد كلام ما وراءه طائل أبداً والتكاثر لا ينتهي إلى حد ولا يجمع إلا بالشقاء والنصب والتعب ثم يذهب أو يُذهب عنه فلا بقاء له ولا دوام وله تبعات لا ينجو منها صاحبها إلا برحمة من الله وإليكم مثل الحياة الدنيا إنها { كمثل غيث } أي مطر { أعجب الكفار } أي الفلاحين الذين كفروا بذرة بالتربة { نباته } الذي نبت به أي المطر { ثم يهيج فتراه } بعد أيام { مصفرا } ثم يهيج أي ييبس { ثم كون حطاماً يتفتت هذه هي الدنيا من بدايتها إلى نهايتها المؤلمة أما الآخرة ففيها عذاب شديد لأهل الشرك والمعاصي لا بد لهم منه يفارقونه ، ومغفرة من الله ورضوان لأهل التوحيد وصالح الأعمال وما الحياة الدنيا وقد عرَضنا عليكم مثالها فما هي إلا متاع الغرور أي إنها لا حقيقة لها وكل ما فيها من المتع التي يتمتع بها إلا غرور باطل .
قوله عز وجل :{ اعلموا أنما الحياة الدنيا } أي : أن الحياة الدنيا " وما " صلة ، أي : إن الحياة في هذه الدار ، أي : إن الحياة في هذه الدار ، { لعب } باطل لا حاصل له ، { ولهو } فرح ثم ينقضي ، { وزينة } منظر تتزينون به ، { وتفاخر بينكم } يفخر به بعضكم على بعض ، { وتكاثر في الأموال والأولاد } أي : مباهاة بكثرة الأموال والأولاد ، ثم ضرب لها مثلاً فقال : { كمثل غيث أعجب الكفار } أي : الزراع ، { نباته } ما نبت من ذلك الغيث ، { ثم يهيج } ييبس ، { فتراه مصفراً } بعد خضرته ونضرته ، { ثم يكون حطاماً } يتحطم ويتكسر بعد يبسه ويفنى ، { وفي الآخرة عذاب شديد } قال مقاتل : لأعداء الله ، { ومغفرة من الله ورضوان } لأوليائه وأهل طاعته . { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } قال سعيد بن جبير : متاع الغرور لمن لم يشتغل فيها بطلب الآخرة ، ومن اشتغل بطلبها فله متاع بلاغ إلى ما هو خير منه .
{ كمثل غيث أعجب الكفار نباته } الآية معناها : تشبيه الدنيا بالزرع الذي ينبته الغيث في سرعة تغيره بعد حسنه وتحطمه بعد ظهوره والكفار هنا يراد به الزراع فهو من قوله كفرت الحب إذا سترته تحت الأرض وخصهم بالذكر لأنهم أهل البصر بالزرع والفلاحة ، فلا يعجبهم إلا ما هو حقيق أن يعجب ، وقيل : أراد الكفار بالله وخصهم بالذكر لأنهم أشد إعجابا بالدنيا وأكثر حرصا عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.