مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (20)

{ اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ } كلعب الصبيان { وَلَهْوٌ } كلهو الفتيان { وَزِينَةٌ } كزينة النسوان { وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ } كتفاخر الأقران { وَتَكَاثُرٌ } كتكاثر الدهقان { فِى الأموال والأولاد } أي مباهاة بهما والتكاثر ادعاء الاستكثار { كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفار نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً } بعد خضرته { ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً } متفتتاً ، شبه حال الدنيا وسرعة تقضيها مع قلة جدواها بنبات أنبته الغيث فاستوى وقوي وأعجب به الكفار الجاحدون لنعمة الله فيما رزقهم من الغيث والنبات ، فبعث عليه العاهة فهاج واصفر وصار حطاماً عقوبة لهم على جحودهم كما فعل بأصحاب الجنة وصاحب الجنتين . وقيل : الكفار الزراع { وَفِى الآخرة عَذَابٌ شَدِيدٌ } للكفار { وَمَغْفِرَةٌ مّنَ الله ورضوان } للمؤمنين يعني أن الدنيا وما فيها ليست إلا من محقرات الأمور وهي اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر ، وأما الآخرة فما هي إلا أمور عظام وهي العذاب الشديد والمغفرة والرضوان من الله الحميد .

والكاف في { كَمَثَلِ غَيْثٍ } في محل رفع على أنه خبر بعد خبر أي الحياة الدنيا مثل غيث { وَما الحياة الدنيا إِلاَّ متاع الغرور } لمن ركن إليها واعتمد عليها . قال ذو النون : يا معشر المريدين لا تطلبوا الدنيا وإن طلبتموها فلا تحبوها فإن الزاد منها والمقيل في غيرها .