أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا} (73)

شرح الكلمات :

{ ليعذب الله المنافقين } : أي وتحملها الإِنسان قضاء وقدراً ليرتب الله تعالى على ذلك عذاب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب على المؤمنين والمؤمنات يغفر لهم ويرحمهم وكان الله غفوراً رحيماً .

المعنى :

وقوله تعالى : { ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } أي بتبعة النفاق والشرك ، ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات أي تَمَّ عرضُ الأمانة وقبول آدم لها ليؤول الأمر إلى أن يكفر بعض أفراد الإِنسان فيعذبوا بكفرهم الذي نجم عن تضييع الأمانة ، ويؤمن بعض آخر فيفرط بعض التفريط ويتوب فيتوب الله عليه فيغفر له ويدخله الجنة وكان الله غفوراً رحيماً ومن آثار ذلك أن تاب الله على المؤمنين والمؤمنات وغفر لهم ورحمهم بإدخالهم الجنة فسبحان الله المدبر الحكيم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا} (73)

ولما كان الحكم في الظاهر على جميع الإنسان ، وفي الحقيقة - لكون القضية الخالية عن السور في قوة الجزئية{[56198]} - على بعضه ، لكنه لما أطلق إطلاق الكلي فهم أن المراد الأكثر ، قال مبيناً أن " ال " ليست سوراً معللاً لحمله لها مقدماً التعذيب إشارة إلى أن الخونة أكثر ، لافتاً العبارة إلى الاسم الأعظم لتنويع المقال إلى جلال وجمال{[56199]} : { ليعذب الله } أي الملك الأعظم بسبب الخيانة في الأمانة ، وقدم من الخونة{[56200]} أجدرهم بذلك فقال : { المنافقين والمنافقات } أي الذين يظهرون بذل الأمانة كذباً وزوراً وهم حاملون لها عريقون في النفاق { والمشركين والمشركات } أي الذين يصارحون بحملها ومنعها عن أهلها وهم عريقون في الشرك فلا يتوبون منه{[56201]} .

ولما كان تقديم{[56202]} التعذيب مفهماً أن الخونة أكثر ، أشار إلى أن المخلص نادر جداً بقوله : { ويتوب الله } أي بما له من العظمة { على المؤمنين } أي{[56203]} العريقين في وصف الإيمان وهم الثابتون عليه إلى الموت { والمؤمنات } العصاة وغيرهم فيوفقهم لبذلها بعد حملها فالآية من الاحتباك : ذكر العذاب أولاً دليلاً على النعيم ثانياً ، والتوبة ثانياً دليلاً على منعها أولاً{[56204]} أي عرض{[56205]} هذا العرض وحكم هذا الحكم{[56206]} ليعذب وينعم بحجة يتعارفها الناس فيما بينهم{[56207]} .

ولما كان هذا مؤذناً بأنه ما من أحد إلا وقد حملها وقتاً ما ، فكان مرغباً للقلوب مرهباً للنفوس ، قال مؤنساً لها مرغباً : { وكان الله } أي على ما له من الكبر والعظمة والانتقام والملك والسطوة { غفوراً } أي محاء لذنوب التائبين الفعلية{[56208]} والإمكانية عيناً وأثراً { رحيماً } أي مكرماً لهم بأنواع الإكرام بعد الرجوع عن الإجرام ، ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في مطلعها بالتقوى أمر في مقطعها بذلك على وجه عام ، وتوعد المشاققين والمنافقين الذين نهى في أولها عن طاعتهم ، وختم بصفتي المغفرة والرحمة كما ختم في أولها بهما آية الخطأ والتعمد ، فقد تلاقيا وتعانقا وتوافقا وتطابقا - والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ، وهو أعلم بالصواب .

ختام السورة:

ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في مطلعها بالتقوى أمر في مقطعها بذلك على وجه عام ، وتوعد المشاققين والمنافقين الذين نهى في أولها عن طاعتهم ، وختم بصفتي المغفرة والرحمة كما ختم في أولها بهما آية الخطأ والتعمد ، فقد تلاقيا وتعانقا وتوافقا وتطابقا - والله{[1]} يقول الحق وهو{[2]} يهدي السبيل ، {[3]}وهو أعلم بالصواب{[4]} .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[56198]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الحذبية.
[56199]:زيد من ظ ومد.
[56200]:زيد من ظ وم ومد.
[56201]:زيد من ظ ومد.
[56202]:من م ومد، وفي الأصل وظ: تقدم.
[56203]:سقط من ظ ومد.
[56204]:زيد من مد.
[56205]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هو من.
[56206]:زيد من ظ وم ومد.
[56207]:زيد في ظ ومد: وينعمهم.
[56208]:زيد في الأصل: والتمكينية، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.