أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

شرح الكلمات :

{ لا جناح عليهن في آبائهن الخ } : أي لا حرج على نساء الرسول في أن يظهرن لمحارمهن المذكورين في الآية .

{ ولا نسائهن } : أي المؤمنات أما الكافرات فلا .

{ ولا ما ملكت أيمانهن } : أي من الإِماء والعبيد في أن يرونهن ويكملونهن من دون حجاب .

{ واتقين الله } : أي يا نساء النبي فيما أُمرتن به من الحجاب وغيره .

المعنى :

وقوله تعالى في الآية ( 55 ) لا جناح عليهن أي لا تضييق ولا حرج ولا إثم على النساء المؤمنات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين في أن يظهرن وجوههن ويكلمن بدون حجاب أي وجها لوجه آباءهن الأب والجد وان علا ، وأبناءهن الابن وابن الابن وان نزل وابن البنت كذلك وان نزل . وإخوانهن وأبناء إخوانهن وان نزلوا وأبناء أخواتهن وان نزلوا ، ومما ليكهن من إماء وعبيد .

وقوله تعالى { واتقين الله إن الله بكل شيء عليماً } أمر من الله لنساء النبي ونساء المؤمنين بتقوى الله فيما نهاهن عنه وحرمه عليهن من إبداء الوجه للأجانب غير المحارم المذكورين في الآية وتذكيرهم بشهود الله تعالى لكل شيء واطلاعه على كل شيء ليكون ذلك مساعداً على التقوى .

الهداية :

من الهداية :

- بيان المحارم الذين للمسلمة أن تكشف وجهها أمامهم وتخاطبهم بدون حجاب .

- الأمر بالتقوى ووعيد الله لمن لا يتقه في محارمه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

ولما كان المقصود كما تقدم تغليظ الحجاب على ذوات الخدور ، وكان قد ذكر في هذه السورة خصائص وتغيير أحكام للنبي صلى الله عليه وسلم ولأزواجه رضي الله عنهن ولغيرهم ، كان ربما ظن أن الحجاب تغير أو شيء منه بالنسبة إلى الدخول أو غيره ، فاستثنى من عمّه النهي السابق عن الدخول على وجه يعم جميع النساء على نحو ما تقدم في سورة النور فقال : { لا جناح } أي إثم { عليهن في آبائهن } دخولاً وخلوة من غير حجاب ، والعم والخال وأبو الزوج بمصير الزوجين كالشيء الواحد بمنزلة الوالد{[55995]} { ولا أبنائهن } أي من{[55996]} البطن أو الرضاعة ، وابن الزوج بمنزلة الولد ، وترك ذكرهم يفهم أن الورع الحجاب عنهم { ولا إخوانهن } لأن عارهن عارهم { ولا أبناء إخوانهن } فإنهن{[55997]} بمنزلة آبائهم { ولا أبناء أخواتهن } فإنهن{[55998]} بمنزلة أمهاتهم{[55999]} { ولا نسائهن } أي المسلمات القربى منهن والبعدى بمنزلة واحدة ، وأما الكافرات فهن بمنزلة الأجانب من الرجال { ولا ما ملكت أيمانهن } لأنهم{[56000]} لما لهن عليهم من السلطان تبعد منهم الريبة هيبة لهن مع مشقة الاحتجاب عنهم{[56001]} .

ولما كانت الريبة ليست مقطوعاً بنفيها ، وكانت من جهة النساء أكثر ، لأنه لا يكاد رجل يتعرض إلا لمن{[56002]} ظن بها الإجابة لما يرى من مخايلها أو مخايل أشكالها ، أقبل عليهن بالخطاب لأنه أوقع في النفس ، فقال آمراً عاطفاً على ما تقديره : فأظهرن على من شئتن من هؤلاء : { واتقين الله } أي الذي لا أعظم منه ، فلا تقربن شيئاً مما يكرهه ، وطوى ما عطف عليه الأمر بالتقوى بعد أن ساق نفي الجناح في أسلوب الغيبة ، وأبرز الأمر بها وجعله في أسلوب الخطاب إيذاناً بأن الورع ترك الظهور على أحد غير من يملك التمتع ، فإن دعت حاجة كان مع الظهور حجاب كثيف{[56003]} من الاحتشام والأدب التام .

ولما كان الخوف لا يعظم إلا ممن كان حاضراً مطلقاً ، قال معللاً مؤكداً تنبيهاً على أن فعل من يتهاون{[56004]} في شيء من أوامره فعل من لا يتقي ، ومن لا يتقي كمن يظن أنه سبحانه غير مطلع عليه : { إن الله } أي العظيم الشأن { كان } أزلاً وأبداً { على كل شيء } من أفعالكن وغيرها ، ولمزيد الاحتياط والورع في ذلك عبر{[56005]} بقوله : { شهيداً * } أي لا يغيب عنه شيء وإن دق ، فهو مطلع عليكن حال الخلوة ممن ذكر ، كما هو مطلع على غير{[56006]} ذلك فليحذره كل أحد في{[56007]} حال الخلوة كما يحذره في حال الجلوة{[56008]} ، فيا لها من عظمة باهرة ، سطوة ظاهرة قاهرة ، يحق لكل أحد أن يبكي منها الدماء فضلاً عن الدموع ، وأن تمنعه مريح القرار ولذيذ الهجوع ، روى البخاري{[56009]} عن عائشة رضي الله عنها قالت : " أستأذن عليّ أفلح أخو أبي القعيس رضي الله عنه بعد ما أنزل الحجاب ، فقلت : لا آذن له حتى استأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإن{[56010]} أخاه أبا{[56011]} القعيس ليس هو أرضعني و{[56012]} لكن أرضعتني امرأة أبي القعيس ، فدخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ! إن أفلح أخا أبي القعيس{[56013]} استأذن فأبيت أن آذن له حتى أستأذنك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يمنعك{[56014]} ؟ قلت : يا رسول الله ! إن الرجل ليس هو أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس ، فقال : ائذني له فإنه عمك تربت يمينك ، قال عروة : فلذلك كانت عائشة رضي الله عنها تقول : حرموا من الرضاعة{[56015]} ما تحرموا من النسب " .


[55995]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الولد.
[55996]:سقط من ظ.
[55997]:من م ومد، وفي الأصل وظ: فإنهم.
[55998]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فإنهم.
[55999]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أخواتهن.
[56000]:من م، وفي الأصل وظ ومد: لأنهن.
[56001]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عنهن.
[56002]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: من.
[56003]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: كشيف.
[56004]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تهاون.
[56005]:زيد من ظ وم ومد.
[56006]:زيد من ظ وم ومد.
[56007]:زيد من ظ وم ومد.
[56008]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الخلوة.
[56009]:راجع من صحيحه 2/707.
[56010]:من ظ وم ومد والصحيح، وفي الأصل: فأنا.
[56011]:زيد من ظ وم ومد والصحيح.
[56012]:زيد من ظ وم ومد.
[56013]:زيد من ظ وم ومد.
[56014]:زيد في الصحيح: أن تأذنين عمك.
[56015]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الرضاع.