أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

شرح الكلمات :

{ يمسك السموات والأرض أن تزولا } : أي يمنعها من الزوال .

{ إن أمسكهما من أحد من بعده } : أي ولو زالتا ما أمسكهما أحد من بعده لعجزه عن ذلك .

{ إنه كان حليما غفوراً } : أي حليماً لا يعجل بالعقوبة غفوراً لمن ندم واستغفر .

المعنى :

قوله تعالى : { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا } يخبر تعالى عن عظيم قدرته ولطفه بعباده ، ورحمته بهم وهي أنه تعالى يمسك السموات السبع والأرض أن تزولا أي تتحول عن أماكنهما ، إذْ لو زالتا لخرب العالم في لحظات ، وقوله : { ولئن زالتا } أي ولو زالتا { إن أمسكهما من أحد من بعده } أي لا يقدر على ذلك إلا هو سبحانه وتعالى ، وقوله إنه كان حليماً غفوراً إذ حلمه هو الذي غرَّ الناس فعصوه ، ولم يطيعوه ، وأشركوا به ولم يوحدوه ومغفرته هي التي دعت الناس إلى التوبة غليه ، والإِنابة إلى توحيده وعبادته .

الهداية

من الهداية :

- بيان قدرة الله ولطفه بعباده ورحمته بهم في إمساك السموات والأرض عن الزوال .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا} (41)

ولما بين حقارة الأصنام وكل ما أشركوا به النسبة إلى جلال عظمته ، وكانوا لا يقدرون على ادعاء الشركة في الخلق في شيء من ذلك ، وكان ربما أقدم على ادعائه معاند منهم أو من غيرهم ، وكان الناس قد توصلوا إلى معرفة شيء من التغيرات الفلكية كالشروق والغروب والخسوف ، وكانوا لا علم لهم بشيء من الزلازل والزوال ، قال مبيناً عظمته سبحانه بعد تحقير أمر شركائهم معجزاً مهدداً لهم على إقدامهم على هذا الافتراء العظيم مبيناً للنعمة بعدم المعاجلة بالهلاك ، وأكده لأن من الناس المكذب به وهم المعطلة ، ومنهم من عمله - وإن كان مقراً - عمل المكذب وهو من ينكر شيئاً من قدرته كالبعث : { إن الله } أي الذي له جميع صفات الكمال { يمسك السماوات } أي على كبرها وعلوها { والأرض } أي على سعتها وبعدها عن التماسك على ما يشاهدون إمساكاً مانعاً من { أن تزولا * } أي بوجه عظيمة وزلزلة كبيرة ، أو زوالاً لا تماسك معه لأن ثباتهما على ما هما عليه على غير القياس لولا شامخ قدرته وباهر عزته وعظمته ، فإن ادعيتم عناداً أن شركاءكم لا يقدرون على الخلق لعلة من العلل فادعوهم لإزالة ما خلق سبحانه .

ولما كان هذا دليل على أنهما حادثتان زائلتان ، أتبعه ما هو أبين منه ، فقال معبراً بأداة الإمكان : { ولئن زالتا } أي بزلزلة أو خراب { إن } أي ما { أمسكهما } وأكد استغراق النفي بقوله : { من أحد } ولما كان المراد أن غيره سبحانه لا يقدر على إمساكهما في زمن من الأزمان وإن قل ، أثبت الجار فقال : { من بعده } أي بعد إزالته لهما ، بل وإذا زلزلت الأرض اضطرب كل شيء عليها والأصنام من جملته ، فدل ذلك قطعاً على أن الشركاء مفعولة لا فاعلة .

ولما كان السياق إلى الترغيب في الإقبال عليه وحده أميل منه إلى الترهيب ، وكان كأنه قيل : هو جدير بأن يزيلهما لعظيم ما يرتكبه أهلهما من الآثام وشديد الإجرام ، قال جواباً لذلك وأكده لأن الحكم عما يركبه المبطلون على عظمه وكثرتهم مما لا تسعه العقول : { إنه كان } أي أزلاً وأبداً { حليماً } أي ليس من شأنه المعاجلة بالعقوبة للعصاة لأنه لا يستعجل إلا من يخاف الفوت فينتهز الفرص ، ورغب في الإقلاع مشيراً إلى أنه ليس عنده ما عند حلماء البشر من الضيق الحامل لهم على أنهم إذا غضبوا بعد طول الأناة لا يغفرون بقوله : { غفوراً * } أي محاء لذنوب من رجع إليه ، وأقبل بالاعتراف عليه ، فلا يعاقبه ولا يعاتبه .