أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ} (51)

شرح الكلمات :

{ فإذا هم من الأجداث } : أي القبور إلى ربهم ينسلون أي : يخرجون بسرعة .

المعنى :

وقوله تعالى { ونفخ في الصور } أي صور إسرافيل وهو قرن ويقال له البوق أيضاً نفخة البعث من القبور أحياء فإذا هم من الأجداث جمع جدث وهو القبر ينسلون أي ماشين مسرعين إلى ربهم لفصل القضاء والحكم بينهم فيما اختلفوا فيه في هذه الدنيا من إيمان وكفر وإحسان وإساءة وعدل وظلم .

من الهداية :

- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر مبادئها ونهاياتها .

- الساعة لا تأتي إلا بغتة .

- الانقلاب الكوني الذي يحدث لعظمه اختلفت آراء أهل العلم في تحديد النفخات فيه . والظاهر أنها أربع الأولى نفخة الفناء والثانية نفخة البعث والثالثة نفخة الفزع والصعق والرابعة نفخة القيام بين يدي رب العالمين .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ} (51)

قوله تعالى :{ ونفخ في الصور } هذه النفخة الثانية للنشأة . وقد بينا في سورة ( النمل ){[13226]} أنهما نفختان لا ثلاث . وهذه الآية دالة على ذلك . وروى المبارك بن فضالة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين النفختين أربعون سنة : الأولى يميت الله بها كل حي ، والأخرى يحيي الله بها كل ميت ) . وقال قتادة : الصور جمع صورة ؛ أي نفخ في الصور والأرواح . وصورة وصور مثل سورة البناء وسور . قال العجاج :

ورُبَّ ذي سُرادق محجورِ *** سرتُ إليه في أعالي السُّورِ

وقد روي عن أبي هريرة أنه قرأ : " ونفخ في الصور " . النحاس : والصحيح أن " الصور " بإسكان الواو : القرن ؛ جاء بذلك التوقيف عن رسول الله ، وذلك معروف في كلام العرب . أنشد أهل اللغة :

نحن نطحناهم غداةَ الغُورَيْن *** بالضَّابحات في غبار النَّقْعَيْن

نطحا شديدا لا كنطح الصُّورَيْن

وقد مضى هذا في " الأنعام " {[13227]} مستوفى . " فإذا هم من الأجداث " أي القبور . وقرئ بالفاء " من الأجداف " ذكره الزمخشري . يقال : جدث وجدف . واللغة الفصيحة الجدث ( بالثاء ) والجمع أجدث وأجداث . قال المتنخل الهذلي :

عرفتُ بأجْدُثٍ فنِعافِ عِرْقٍ *** علاماتٍ كتحبيرِ النِّمَاطِ

واجتدث : أي اتخذ جدثا . " إلى ربهم ينسلون " أي يخرجون . قاله ابن عباس وقتادة . ومنه قول امرئ القيس :

فسُلِّي ثيابي من ثيابك تَنْسُلِي

ومنه قيل للولد نسل ؛ لأنه يخرج من بطن أمه . وقيل : يسرعون . والنسلان والعسلان : الإسراع في السير ، ومنه مشية الذئب ، قال{[13228]} :

عَسَلانَ الذئبِ أمسى قَارِبًا *** بَرَدَ الليلُ عليه فَنَسَلْ

يقال : عسل الذئب ونسل ، يعسل وينسل ، من باب ضرب يضرب . ويقال : ينسل بالضم أيضا . وهو الإسراع في المشي ، فالمعنى يخرجون مسرعين . وفي التنزيل : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " [ لقمان : 28 ] ، وقال : " يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر " [ القمر :7 ] ، وفي " سأل سائل " [ المعارج : 1 ] " يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون " [ المعارج : 43 ] أي يسرعون . وفي الخبر : شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الضعف فقال : ( عليكم بالنسل ) أي بالإسراع في المشي فإنه ينشط .


[13226]:راجع ج 13 ص 239 طبعة أولى أو ثانية.
[13227]:راجع ج 7 ص 20 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
[13228]:البيت للبيد، وقيل هو للنابغة الجعدي.