تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ} (51)

الآية 51 وقوله تعالى : { ونُفخ في الصور } قد ذكرنا القول في الصور في غير موضع واختلافهم في ذلك :

قال قائلون : الصور ، هو شبه القرن ، ينفخ فيه . وعلى ذلك روي عن عبد الله بن عمر [ أنه قال ]{[17504]} : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور ، فقال : ( قرن يُنفخ فيه ) [ الترمذي 3244 ] فإن ثبت فقد كفينا مؤُنة الاشتغال بغيره .

وقال قائلون : هو على التمثيل لا على التحقيق ، لكنه ذكر النفخ لسرعة أمرها وقيامها ، إذ ليس شيء أسرع نفاذا ، ولا أخف من النفخ ، فهو عبارة عن سرعتها ونفاذها كقوله : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } [ النحل : 77 ] وهو قوله : { ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسِلون } .

قال أهل التأويل : يُنفخ في الصور ثلاث بين كل نفخة ونفخة مهلة كذا كذا سنة يقولون : في النفخة الأولى يموت{[17505]} فيها كل شيء مما خلق الله كقوله : { ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله } [ الزمر : 68 ] .

ثم ينفخ ثانيا ، فيحيون بها ، ويخرجون من قبورهم ، وهو قوله : { ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } [ يس : 51 ] .

وينفخ ثالثا ، فيجتمعون عند ربهم ، وهو قوله : { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون } [ يس : 53 ] والله أعلم بذلك .

والنسل هو سرعة الخروج أي يسرعون .

قال أبو عوسجة : النسل هو المشي { ينسلون } أي يمشون ، لكنه مشي مع سرعة ، وهما واحد .


[17504]:في الأصل وم: وقال.
[17505]:في الأصل وم: سمعت.