قوله تعالى :{ ونفخ في الصور } هذه النفخة الثانية للنشأة . وقد بينا في سورة ( النمل ){[13226]} أنهما نفختان لا ثلاث . وهذه الآية دالة على ذلك . وروى المبارك بن فضالة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين النفختين أربعون سنة : الأولى يميت الله بها كل حي ، والأخرى يحيي الله بها كل ميت ) . وقال قتادة : الصور جمع صورة ؛ أي نفخ في الصور والأرواح . وصورة وصور مثل سورة البناء وسور . قال العجاج :
ورُبَّ ذي سُرادق محجورِ *** سرتُ إليه في أعالي السُّورِ
وقد روي عن أبي هريرة أنه قرأ : " ونفخ في الصور " . النحاس : والصحيح أن " الصور " بإسكان الواو : القرن ؛ جاء بذلك التوقيف عن رسول الله ، وذلك معروف في كلام العرب . أنشد أهل اللغة :
نحن نطحناهم غداةَ الغُورَيْن *** بالضَّابحات في غبار النَّقْعَيْن
نطحا شديدا لا كنطح الصُّورَيْن
وقد مضى هذا في " الأنعام " {[13227]} مستوفى . " فإذا هم من الأجداث " أي القبور . وقرئ بالفاء " من الأجداف " ذكره الزمخشري . يقال : جدث وجدف . واللغة الفصيحة الجدث ( بالثاء ) والجمع أجدث وأجداث . قال المتنخل الهذلي :
عرفتُ بأجْدُثٍ فنِعافِ عِرْقٍ *** علاماتٍ كتحبيرِ النِّمَاطِ
واجتدث : أي اتخذ جدثا . " إلى ربهم ينسلون " أي يخرجون . قاله ابن عباس وقتادة . ومنه قول امرئ القيس :
فسُلِّي ثيابي من ثيابك تَنْسُلِي
ومنه قيل للولد نسل ؛ لأنه يخرج من بطن أمه . وقيل : يسرعون . والنسلان والعسلان : الإسراع في السير ، ومنه مشية الذئب ، قال{[13228]} :
عَسَلانَ الذئبِ أمسى قَارِبًا *** بَرَدَ الليلُ عليه فَنَسَلْ
يقال : عسل الذئب ونسل ، يعسل وينسل ، من باب ضرب يضرب . ويقال : ينسل بالضم أيضا . وهو الإسراع في المشي ، فالمعنى يخرجون مسرعين . وفي التنزيل : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " [ لقمان : 28 ] ، وقال : " يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر " [ القمر :7 ] ، وفي " سأل سائل " [ المعارج : 1 ] " يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون " [ المعارج : 43 ] أي يسرعون . وفي الخبر : شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الضعف فقال : ( عليكم بالنسل ) أي بالإسراع في المشي فإنه ينشط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.