النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ} (51)

قوله عز وجل : { ونفخ في الصور } وهذه هي النفخة الثانية للنشأة وقيل إن بينهما أربعين سنة . روى المبارك بن فضالة{[2308]} عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بين النفختين أربعون ، الأولى يميت الله سبحانه بها كل حي ، والآخرة يحيي الله بها كل ميت "

والنفخة الثانية من الآخرة . وفي الأولى قولان :

أحدهما : أنها من الدنيا ، قاله عكرمة .

الثاني : أنها من الآخرة ، قاله الحسن .

{ فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } والأجداث القبور ، واحدها جدث . وفي قوله تعالى { ينسلون } ثلاثة تأويلات :

أحدها : يخرجون ، قاله ابن عباس وقتادة ، قال الشاعر :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي{[2309]}

الثاني : يسرعون ، كقول الشاعر{[2310]} :

عسلان الذئب أمسى قاربا *** بَرَدَ الليلُ عليه فنسل{[2311]}

الثالث : يتخلصون من السلو ؛ قاله ابن بحر .


[2308]:في ع فضال والتصويب من ك وهذا الحديث رواه البخاري في التفسير ومسلم في الفتن، وأبو داود في السنن، والنسائي في الجنائز، ومالك في الموطأ – جنائز.
[2309]:البيت لامرئ القيس من معلقته وصدره: وأن أك قد ساءتك منى خليقة
[2310]:هو النابغة أو لبيد
[2311]:البيت للبيد، وعسلان مصدر فعله عسل يعسل أي أسرع في مشيته وفي معناه نسل.