أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ} (12)

شرح الكلمات :

{ أحصنت فرجها } : أي حفظته فلم يصل اليه الرجال لا بنكاح ولا بزنا .

{ فنفخنا فيه من روحنا } : أي نفخنا في كم درعها بواسطة جبريل الملقب بروح القدس .

{ وصدقت بكلمات ربها } : أي بولدها عيسى أنه كلمة الله وعبده ورسوله .

المعنى :

وقوله تعالى { ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها } .

عطف تعالى مريم على آسيا ليكون المثل مكوناً من امرأتين مؤمنتين ، كالمثل الأول كان مكوناً من امرأتين كافرتين فقال عز وجل ومريم بنت عمران التي أحصنت فرجها عن الرجال في الوقت الذي عم البغاء والزنا ديار بني إسرائيل كما هي الحال اليوم في ديار اليهود وأمثالهم قد لا تسلم امرأة من الزنا بها فلم يضر ذلك مريم لما كانت عفيفة طاهرة بل أكرمها الله لما أحصنت فرجها بأن أرسل إليها روحه جبريل عليه السلام وأمره أن ينفخ في كم درعها فسرت النفخة بقدرة الله تعالى في جسمها فحملت بعيسى الذي كان بكلمة الله كن فيكون في ساعة وصول هواء النفخة وولدته للفور كرامة الله للتي أحصنت فرجها خوفاً من الله وتقربا إليه ، وما ضرها أن العهر والزنا قد انتشر حولها ما دامت هي طاهرة كما لم يضر كفر فرعون آسيا الطاهرة . وكما لم ينفع إيمان وصلاح نوح ولوط امرأتيهما الكافرتين الخائنتين .

قال ابن عباس رضي الله عنهما ما بغت امرأة نبي قط ، وهو كما قال فوالله ما زنت امرأة نبي قط لولاية الله تعالى لأنبيائه فكيف يخزيهم ويذلهم حاشاه تعالى أن يخزي أولياء أو يذلهم فالمراد من الخيانة المذكورة في قوله تعالى فخانتاهما الخيانة في الدين وإفشاء الأسرار .

وقوله تعالى : وصدقت بكلمات ربها أي بشرائعه وبكتبه التي أنزلها على رسله ، وكانت من القانتين أي المطيعين لله تعالى الضارعين له المخبتين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ} (12)

وقوله { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي : صانته وحفظته عن الفاحشة ، لكمال ديانتها ، وعفتها ، ونزاهتها .

{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [ عليه السلام ] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم ، فجاء منها عيسى ابن مريم [ عليه السلام ] ، الرسول الكريم والسيد العظيم .

{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ } وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة ، فإن التصديق بكلمات الله ، يشمل كلماته الدينية والقدرية ، والتصديق بكتبه ، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل ، [ ولهذا قال ] { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } أي : المطيعين لله ، المداومين على طاعته{[1172]}  بخشية وخشوع ، وهذا وصف لها بكمال العمل ، فإنها رضي الله عنها صديقة ، والصديقية : هي كمال العلم والعمل .

تمت ولله الحمد


[1172]:- في ب: أي المداومين على طاعة الله.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ} (12)

{ ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه } أي في جيب درعها ، ولذلك ذكر الكناية ، { من روحنا وصدقت بكلمات ربها } يعني الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ، { وكتبه } قرأ أهل البصرة وحفص : { وكتبه } على الجمع ، وقرأ الآخرون : { وكتابه } على التوحيد . والمراد منه الكثرة أيضاً . وأراد بكتبه التي أنزلت على إبراهيم ، وموسى ، وداود ، وعيسى عليهم السلام . { وكانت من القانتين } أي من القوم القانتين المطيعين لربها ولذلك لم يقل من القانتات . وقال عطاء : من القانتين أي : من المصلين . ويجوز أن يريد بالقانتين رهطها وعشيرتها ، فإنهم كانوا أهل صلاح مطيعين لله . وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون " .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ} (12)

{ أحصنت فرجها } يعني : الفرج الذي هو الجارحة وإحصانها له هو صيانتها وعفتها عن كل مكروه .

{ فنفخنا فيه من روحنا } عبارة عن نفخ جبريل في فرجها ، فخلق الله فيه عيسى عليه السلام وأضاف الله الروح إلى نفسه إضافة مخلوق إلى خالقه ، وفي ذلك تشريف له .

{ وصدقت بكلمات ربها وكتابه } كلمات ربها يحتمل أن يريد بها الكتب التي أنزل الله أو كلامه مع الملائكة وغيرهم ، وكتابه بالإفراد يحتمل أن يريد به التوراة أو الإنجيل أو جنس الكتب وقرئ بالجمع يعني : جميع كتب الله { من القانتين } أي : من العابدين ، فإن قيل : لم قال من القانتين بجمع المذكر وهي أنثى ؟ فالجواب : أن القنوت صفة تجمع الرجال والنساء فغلب الذكور .