{ و } ضرب الله مثلا للذين آمنوا { مريم ابنة عمران } أي حالها وصفتها فمثل حال المؤمنين بامرأتين ، كما مثل حال الكفار بامرأتين ، وقيل : التقدير اذكر مريم والمقصود من ذكرها أن الله سبحانه جمع لها بين كرامتي الدنيا والآخرة ، واصطفاها على نساء العالمين مع كونها بين قوم كافرين { التي أحصنت } حفظت { فرجها } عن الفواحش وعن الرجال فلم يصل إليها رجل لا بنكاح ولا بزنا ، والمحصنة العفيفة ، وقد تقدم تفسير هذا في سورة النساء ، قال المفسرون : المراد بالفرج هنا الجيب لقوله : { فنفخنا فيه من روحنا } المخلوقة لنا ، وذلك أن جبريل نفخ في جيب درعها أي طوق قميصها ، فحملت بعيسى عقب النفخ ، فالنفخ والحمل والوضع في ساعة واحدة ، والإسناد في نفخنا مجازي ، أي فأسند إلى الله من حيث أنه الخالق والموجد ، وقيل المراد بالروح روح عيسى التي صار بها حيا فوصلت إلى فرجها بواسطة نفخ جبريل ، وإضافة الروح إلى الله إضافة مخلوق لخالقه للتشريف .
{ وصدقت بكلمات ربها } يعني بشرائعه التي شرعها الله لعباده ، وقيل : المراد بالكلمات عيسى وقيل صحفه التي أنزلها على إدريس وغيره ، وقرأ الجمهور صدقت بالتشديد ، وقرئ بالجمع والمراد على الأول الجنس ، فيكون في معنى الجمع وهي الكتب المنزلة على الأنبياء كإبراهيم وموسى وابنها عيسى .
{ وكانت من القانتين } قال قتادة من القوم المطيعين لربهم ، وقال عطاء : من المصلين كانت تصلي بين المغرب والعشاء ، ويجوز أن يراد بالقانتين رهطها وعشيرتها الذين كانت منهم ، وكانوا مطيعين أهل بيت صلاح وطاعة ، ولما كان القنوت صفة تشمل من قنت من القبيلين غلب ذكوره على إناثه ، وفيه إشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين حتى عدت من جملتهم ، ومن للتبعيض ، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية على أنها ولدت من القانتين ، لأنها من أعقاب هارون أخي موسى عليهما السلام .
" عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون ، ما قص الله علينا من خبرها في القرآن قالت رب ابن لي عندك الآية ( {[1598]} ) أخرجه أحمد والطبراني والحاكم ، وفي الصحيحين وغيرهما :
" من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ( {[1599]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.