إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ} (12)

{ وَمَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ } عطفٌ على امرأةِ فرعونٍ تسليةً للأراملِ أي وضربَ الله مثلاً للذينَ آمنُوا حالَها ومَا أوتيتْ من كرامةِ الدُّنيا والآخرةِ والاصطفاء على نساءِ العالمينَ مع كونِ قومِها كُفاراً { التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ } وقُرِئَ فيها أي مريمٌ { مِن رُّوحِنَا } من رُوحٍ خلقناهُ بلا توسطٍ أصلاً { وَصَدَّقَتْ بكلمات رَبَّهَا } بصحفِهِ المنزلةِ أو بما أَوْحى إلى أنبيائِه { وَكُتُبِهِ } بجميعِ كتبِه المنزلةِ وقُرِئَ بكلمةِ الله وكتابِه أي بعيسَى وبالكتابِ المنزلِ عليهِ وهو الإنجيلُ { وَكَانَتْ مِنَ القانتين } أي من عدادِ المواظبينَ على الطاعةِ ، والتذكيرُ للتغليبِ والإشعارِ بأنَّ طاعتها لم تقصُرْ عنْ طاعاتِ الرجالِ حتى عُدَّت مِنْ جُملَتهم أو مِنْ نَسلِهِم لأنَّها من أعقابِ هارونَ أخِي مُوسى عليهما السلامُ . وعن النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : «كَمُلَ من الرجالِ كثيرٌ ولم يكملْ من النساءِ إلا أربعٌ آسيةُ بنتُ مُزاحمٍ ومريمُ بنتُ عمرانَ وخديجةُ بنتُ خويلدٍ وفاطمةُ بنتُ محمدٍ صلواتُ الله عليهِ وفضلُ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ »{[789]}

ختام السورة:

وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأَ سورةَ التحريمِ آتاهُ الله توبةً نصوحاً » .


[789]:أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب (32، 46) وفي كتاب فضائل أصحاب النبي، باب (30) وفي كتاب الأطعمة، باب (25) وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة حديث رقم (70) والترمذي في كتاب الأطعمة باب (31) وابن ماجه في كتاب الأطعمة باب (14) كما أخرجه أحمد في المسند (4/394، 409).