{ إلى ما بين أيديهم وما خلفهم } : أي من أمامهم وورائهم وفوقهم وتحتهم إذ هم محاطون من كل جهة من السماء والأرض .
{ أو نسقط عليهم كسفاً } : أي قطعاً جمع كسِفة أي قطعة .
{ إن في ذلك لآية } : أي علامة واضحة ودليلاً قاطعاً على قدرة الله عليهم .
{ لكل عبد منيب } : أي لكل مؤمن منيب إلى ربّه رجَّاع إليه في أمره كله .
ثم قال تعالى مهدداً لهم لعلهم يرتدعون عن التهجم والتهكم بالنبي صلى الله عليه وسلم { أفلم يروا } أي أعموا فلم يروا إلي ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض أفلم ينظروا كيف هم محاطون من فوقهم ومن تحتهم ومن أمامهم ومن ورائهم أي الأرض تحتهم والسماء فوقهم { إن نشأ نخسف بهم الأرض } فيعودون فيها { أو نسقط عليهم كسفاً } أي قطعاً من السماء فتهلكهم عن آخرهم فلا يجدون مهرباً والجواب لا ، لأنهم مهما جروْا هاربين لا تزال السماء فوقهم والأرض تحتهم والله قاهر لهم متى شاء خسف بهم أو أسقط السماء عليهم .
وقوله تعالى { إن في ذلك لآية لكل عبد منيب } أي إن في ذلك المذكور من إحاطة السماء والأرض وقدرة الله على خسف من شاء خسف الأرض بهم وإسقاط كِسَفٍ من السماء من شاء ذلك لهم آية . وعلامة بارزة على قدرة الله على إهلاك من شاء ممن كفروا بالله وبرسوله وكذبوا بلقائه . وكون المذكور آية لكل عبد منيب دون غيره لأن المنيب هو الرجاع إلى ربه كلما أذنب آب لخشيته من ربه فالخائف الخاشي هو الذي يجد الآية واضحة أمامه في إحاطة الأرض والسماء بالإِنسان وقدرة الله على خسف الأرض به أو إسقاط السماء كسفاً عليه .
- لفت الأنظار غلى قدرة الله تعالى المحيطة بالإِنسان ليخشى الله تعالى ويرهبه فيؤمن به ويعبده ويوحده .
- فضل الإِنابة إلى الله وشرف المنيب . والإِنابة الرجوع إلى التوبة بعد الذنب والمعصية ، والمنيب الذي رجع في كل شيء إلى ربه تعالى .
ثم نبههم على الدليل العقلي ، الدال على عدم استبعاد البعث ، الذي استبعدوه ، وأنهم لو نظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ، من السماء والأرض فرأوا من قدرة اللّه فيهما ، ما يبهر العقول ، ومن عظمته ما يذهل العلماء الفحول ، وأن خلقهما وعظمتهما وما فيهما من المخلوقات ، أعظم من إعادة الناس - بعد موتهم - من قبورهم ، فما الحامل لهم ، على ذلك التكذيب مع التصديق ، بما هو أكبر منه ؟ نعم ذاك خبر غيبي إلى الآن ، ما شاهدوه ، فلذلك كذبوا به .
قال اللّه : { إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ } أي : من العذاب ، لأن الأرض والسماء تحت تدبيرنا ، فإن أمرناهما لم يستعصيا ، فاحذروا إصراركم على تكذيبكم ، فنعاقبكم أشد العقوبة . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي : خلق السماوات والأرض ، وما فيهما من المخلوقات { لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ }
فكلما كان العبد أعظم إنابة إلى اللّه ، كان انتفاعه بالآيات أعظم ، لأن المنيب مقبل إلى ربه ، قد توجهت إراداته وهماته لربه ، ورجع إليه في كل أمر من أموره ، فصار قريبا من ربه ، ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته ، فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة ، لا نظر غفلة غير نافعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.