أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓۚ أَوَلَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلّٖ كَٰفِرُونَ} (48)

شرح الكلمات :

{ فلما جاءهم الحق من عندنا } : أي محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً مبيناً .

{ قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } : أي هلا أعطي مثل ما أعطي موسى من الآيات المعجزات من العصا واليد أو كتاباً جملة واحدة كالتوراة .

{ أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل } : أي كيف يطالبونك بأن تؤتي مثل ما أوتي موسى وقد كفروا بما أوتي موسى من قبل لما أخبرهم اليهود أنهم يجدون نعت محمد في التوراة كفروا بهذا الخبر ولم يقبلوه .

{ قالوا سحران تظاهرا } : أي التوراة والقرآن كلاهما سحر ظاهر بعضهما بعضاً أي قواه .

المعنى :

لما قرر تعالى نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأدلته التي لا أقوى منها ولا أوضح وبين حاجة العالم إليهما لا سيما العرب وذكر أنه لولا كراهة قولهم : { لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين } لما أرسل إليهم رسوله . ذكر هنا ما واجه به المشركون تلك الرحمة المهداة فقال عنهم { فلما جاءهم الحق من عندنا } أي محمد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : { لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } أي من الآيات كالعصا واليد البيضاء حتى نؤمن به ونصدق رسالته قال تعالى : { أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ؟ قالوا سحران تظاهرا } . وقالوا : { إنا بكل كافرون } وذلك أن قريشاً لما كثر المؤمنون وهالهم الموقف بعثوا إلى يهود المدينة يسألونهم بوصفهم أهل الكتاب الأول عن مدى صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما يقوله فأجابهم اليهود بأنهم يجدون نعوت النبي الأمي في التوراة وأنه رسول حق وليس بكذاب ولا دجال فما كان من المشركين من قريش إلا أن أعلنوا كفرهم بالتوراة وقالوا : التوراة والقرآن { سحران } تعاونا فلا تؤمن بهما ولا نصدق من جاء بهما وقرئ { ساحران } أي موسى ومحمد عليهما السلام فلا نؤمن بهما .

هذا معنى قوله تعالى { أولم يكفروا بما أوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون } أي بكل منهما كافرون .

فكيف لا يخجلون اليوم ويطالبون محمداً أن يعطى مثل الذي أعطي موسى من الآيات يا للعجب أي يذهب بعقول المشركين ؟ ! !

الهداية :

- بيان تناقض المشركين وكل من يتبع الهوى ويترك الهدى الإِلهي .