ثم بين أنهم قبل البعثة يتعلقون بشبهة وبعد البعثة يتعلقون بأخرى فلا مقصود لهم إلا العناد فقال { فلما جاءهم الحق } أي الرسول المصدّق بالكتاب المعجز { قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } من الكتاب المنزل جملة ومن سائر المعجزات كقلب العصا حية واليد البيضاء وفلق البحر ، فأجاب الله تعالى عن شبهتهم بقوله { أولم يكفروا } وفيه وجوه : أحدها أن اليهود أمروا قريشاً أن يسألوا محمداً مثل ما أوتي موسى فقال تعالى : { أولم يكفروا } هؤلاء اليهود الذين اقترحوا هذا السؤال بموسى مع تلك الآيات الباهرة . والذين أوردوا هذا الاقتراح يهود مكة ، والذين كفروا بموسى من قبل أو بما أوتي موسى من قبل هم الذين كانوا في زمن موسى إلا أنه تعالى جعلهم كالشيء الواحد لتجانسهم في الكفر والعنت . وقال الكلبي : إن مشركي مكة بعثوا رهطاً إلى يهود المدينة يسألهم عن محمد وشأنه فقالوا : إنا نجده في التوراة بنعته وصفته ، فلما رجه الرهط إليهم فأخبروهم بقول اليهود قالوا : إنه كان ساحراً كما أن محمداً ساحر فقال الله تعالى في حقهم { أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل } . وقال الحسن : قد كان للعرب أصل في أيام موسى فالتقدير : أولم يكفر آباؤهم بأن قالوا في موسى وهارون ساحران تظاهرا أي تعاونا .
وقال قتادة : أولم يكفر اليهود في عصر محمد بما أوتي موسى من قبل من البشارة بعيسى ومحمد عليه السلام ف { قالوا ساحران } والأظهر أن كفار مكة وقريش كانوا منكرين لجميع النبوات . ثم إنهم طلبوا من محمد معجزات موسى فقال الله تعالى : { أولم يكفروا بما أوتي موسى } بل بما أوتي جميع الأنبياء من قبل ؟ فعلم أنه لا غرض لهم في هذا الاقتراح إلا التعنت . من قرأ { ساحران } بالألف فظاهر ، وأما من قرأ { سحران } فإما بمعنى ذوي سحر أو على جعلهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر ، أو على إرادة نوعين من السحر ، أو على أن المراد هو القرآن والتوراة . وضعفه أبو عبيدة بأن المظاهرة بالناس وأفعالهم أشبه منها بالكتب . وأجيب بأن الكتابين لما كان كل واحد منهما يقوّي الآخر لم يبعد أن يقال على سبيل المجاز تعاونا كما يقال تظاهرت الأخبار . وفي تكرار { قالوا } وجهان : أحدهما قالوا ساحران مرة { وقالوا إنا بكل } من موسى ومحمد أو بكل من الكتابين { كافرون } مرة . وثانيهما أن يكون قوله { وقالوا } معطوفاً على { أولم يكفروا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.