الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓۚ أَوَلَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلّٖ كَٰفِرُونَ} (48)

قوله : { مِن قَبْلُ } : إمَّا أَنْ يتعلَّقَ بيَكْفروا ، أو ب " أُوْتِي " أي : مِنْ قبلِ ظهورِك .

قوله : { سِحْرَانِ } قرأ الكوفيون " سِحْران " أي : هما . أي : القرآن/ والتوراة ، أو موسى وهارون وذلك على المبالغةِ ، جعلوهما نفسَ السِّحْرِ ، أو على حَذْفِ مضافٍ أي : ذَوا سِحْرَيْن . ولو صَحَّ هذا لكانَ يَنبغي أن يُفْرَدَ " سِحْر " ولكنه ثُنِّيَ تنبيهاً على التنويع . وقيل : المرادُ موسى ومحمدٌ عليهما السلام أو التوراةُ والإِنجيلُ . والباقون " ساحران " أي : موسى وهارون أو موسى ومحمدٌ كما تقدَّم .

قوله : { تَظَاهَرَا } العامَّةُ على تخفيفِ الظاءِ فعلاً ماضياً صفةً ل " سِحْران " أو " ساحران " أي : تَعاوَنا . وقرأ الحسن ويحيى بن الحارث الذِّماري وأبو حيوة واليزيدي بشديدِها . وقد لحَّنهم الناسُ . قال ابن خالويه : " تشديدُه لَحْنٌ ؛ لأنه فعلٌ ماضٍ . وإنما يُشَدَّد في المضارع " . وقال الهُذَلي : " لا معنى له " وقال أبو الفضل : " لا أعرفُ وجهَه " . وهذا عجيبٌ من هؤلاءِ وقد حُذِفَتْ نونُ الرفع في مواضعَ ، حتى في الفصيح ، كقولِه عليه السلام : " لا تَدْخلوا الجنةَ حتى تؤْمِنوا ولا تُؤْمنوا حتى تحابُّوا " ولا فرقَ بين كونِها بعد واوٍ وألفٍ أو ياءٍ ، فهذا أصلُه " تَتَظاهران " فَأُدْغِم وحُذِفت نونُه تخفيفاً .

وقرأ الأعمش وطلحة وكذا في مصحف عبد الله " اظَّاهَرا " بهمزةِ وصلٍ وشدِّ الظاءِ ، وأصلُها " تَظاهرا " كقراءةِ العامةِ ، فلمَّا أُريد الإِدغامُ سَكَّنْتَ الأولَ فاجْتُلبَتْ همزةُ الوصل .