فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓۚ أَوَلَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلّٖ كَٰفِرُونَ} (48)

{ فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } فحين بعثتك بالحق إليهم قالوا- تمردا على الله تعالى وتماديا في الغي- هلا أوتي محمد مثل ما أوتي موسى من المعجزات ! ونزول التوراة عليه جملة ! وكان بلغهم ذلك من أمر موسى{[3062]}عليه السلام ، فأخزى الله المجادلين بالباطل ، وأخزى معهم من حرضوهم على هذا المراء من اليهود{ أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل } هل آمن اليهود بما جاءتهم به رسلهم من البينات ؟ ! هل قدس المشركون ما أنزل على موسى ؟ ! كلا ! بل تمادت اليهود في قتل الأنبياء بغير حق ، وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس ! وقالوا- وقد أمعنوا تحريفا في التوراة وإخفاء لكثير من هداها ) . . قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء . . ( {[3063]} ، والمشركون عجبوا أن جاءهم منذر منهم وقالوا أبعث الله بشرا رسولا ؟ ! فهم إذن لم يؤمنوا بموسى ، ولا أقروا بالرسالة ، فلما بهتوا بحجة الله هذه{ قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون } حين بطل ما كانوا يتعللون به آذوا موسى ومحمدا عليهما صلوات الله وسلامه ، ووصفوا الكتابين المنزلين عليهما بالسحر ، و{ ساحران } خبر لمبتدأ محذوف أي : [ هما ] يعنون : التوراة والقرآن{ تظاهرا } تعاونا وصدق كل منهما الآخر ، ثم صرحوا بكفرهم بالكتابين .


[3062]:قال الكلبي: بعثت قريش إلى اليهود وسألتهم عن بعث محمد وشأنه، فقالوا: نجده في التوراة بنعته وصفته، فلما رجع الجواب إليهم قالوا: ساحران تظاهرا، وقال قوم: إن اليهود علموا المشركين وقالوا لمحمد: لولا أوتيت مثلما أوتي موسى فإنه أوتي التوراة دفعة واحدة، فهذا الاحتجاج وارد على اليهود، ومما قال الفراء: في تفسير{بكل كافرون} بالتوراة والقرآن.
[3063]:سورة الأنعام. من الآية 91.